الشيخ الطوسي في الغيبة قال: أخبرنا جماعة* ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري، عن علي بن سنان الموصلي العدل، عن علي بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن الخليل، عن جعفر بن أحمد المصري ، عن عمه الحسن بن علي، عن أبيه، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر، عن أبيه ذي الثفنات سيد العابدين، عن أبيه الحسين الزكي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين عليه السلام قال: ما هي وصية رسول الله ص التي كتبها حين حضره الموت ؟
قال رسول الله (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته لعلي (ع)
يا أبا الحسن أحضر صحيفة ودواة فأملى رسول الله (ص) وصيته حتى انتهى إلى هذا الموضع فقال :
يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماماً ومن بعدهم اثنا عشر مهدياً
فأنت يا علي أول الأثني عشر إمام سمّاك الله تعالى في سمائه علياً المرتضى وأمير المؤمنين والصديق الأكبر والفاروق الأعظم والمأمون والمهدي فلا تصح هذه الأسماء لأحد غيرك
يا علي أنت وصيي على أهل بيتي حيّهم وميتهم وعلى نسائي فمن ثبتها لقيتني غداً ومن طلقتها فأنا برئ منها لم ترني ولم أرها في عرصة القيامة و أنت خليفتي على أمتي من بعدي
فإذا حضرتك الوفاة فسلّمها إلى ابني الحسن البر الوصول
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى إبني الحسين الشهيد الزكي المقتول
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه سيد العابدين ذي الثفنات علي
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الباقر
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه جعفر الصادق إذا حضرته الوفاة
فليسلّمها إلى ابنه موسى الكاظم
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الرضا
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد الثقة التقي
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه علي الناصح
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه الحسن الفاضل
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى ابنه محمد المستحفظ من آل محمد
فذلك اثنا عشر إماما ً ثم يكون من بعده اثنا عشر مهديا ً
فإذا حضرته الوفاة فليسلّمها إلى إبنه أول المقربين (المهديين) له ثلاثة أسامي أسم كاسمي وأسم أبي وهو عبد الله وأحمد والاسم الثالث المهدي وهو أول المؤمنين.
المصدر: كتاب الغيبة للشيخ الطوسي رحمه الله – صفحة 151

* الجماعة المشار اليهم أعلاه الذين هم عن طريق الشيخ الطوسي ( رحمه الله تعالى ) الى كتب البزوفري هما: الحسين بن عبيد الله الغضائري واحمد بن عبدون
فقد نص الشيخ الطوسي على طريقه هذا الى البزوفري في كتابه الاستبصار قائلاً:
( ( وما ذكرته ) عن أبي عبد الله الحسين بن سفيان البزوفري فقد أخبرني به احمد ابن عبدون والحسين بن عبيد الله عنه ) الاستبصار ج 4 ص 342.
– ايضا من أكاذيبهم انهم يقولون للناس ان رواة الوصية مجهولون وبهذا فالوصية ضعيفة السند.
ومع اننا اثبتنا لهم صحة صدور الوصية بالتواتر والقرائن وفصل لهم الانصار هذا الامر وبينوا ان الوصية لا تدخل في التقسيم الرباعي لتوصف بالضعف
ومع ان علم الرجال الذي يتبجحون به كذبة كبيرة يخدعون بها الناس فهم اصلا لا توجد عندهم مادة رجالية معتبرة وكافية
ولكن تنزلا معهم ولكي لا تمر كذبتهم على الناس المظلومين المخدوعين فقد بينا لهم ان الوصية سندها صحيح ….
– لا بد من التنبيه أن الحجة لا يحتاج لمناهج وضعية منحرفة عن الحق ليثبت الحق وإنما رحمة بالناس يحتج على بعض المنحرفين بمنهجهم ويناقشه ويبين وهنه والقول الصحيح من السقيم ويلزمهم لعلهم يرجعون إلى الحق ….

– أما الحكم بصدق الرواة أفرادا – ونحن يكفينا الصدق- فلا نحتاج فيه غير انه لم يثبت بدليل شرعي أن احدهم مقدوح فيه فالمؤمن صادق فيما يقول حتى يثبت كذبه بدليل شرعي.
فهم لا يقولون أن المؤمن كاذب حتى يثبت صدقه ومن يقول هذا فكلامه يعني انه يفسق أتباعه ويعتبرهم كذابين حتى يثبت كل فرد منهم صدقه بدليل؟!
أما من يقول منهم أن المؤمن مجهول الحال ظاهرا حتى يثبت صدقه، ويريدون انه لا يعرف حاله الظاهري صادق أو كاذب إلا بدليل شرعي.
فقولهم هذا مخالف للقرآن ولمنهج الرسول وسماعه من المؤمنين وتصديقه للمؤمنين دون أن يفحص عن أكثر من إيمانهم والآية القرآنية التي تبين سيرة الرسول في هذا الأمر واضحة جلية
قال تعالى: ((وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) (التوبة : 61)
أي أن المعترضين على فعل رسول الله محمد (ص) قولهم كقول هؤلاء بمجهولية حال المؤمن وعدم الاعتماد على قوله حتى يثبت انه صادق بدليل، فهم ينتقدون الرسول محمداً (ص) لسماعه وتصديقه كلام أي مؤمن ((وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)) أي أن محمدا (ص) يسمع لكل مؤمن ويصدقه فيما يقول ولا يقول أن المؤمن مجهول الحال آو كاذب حتى يثبت صدقه بل عند الرسول كما في الآية المؤمن صادق حتى يثبت كذبه ((قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ))… (( وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ )) : أي يصدق المؤمنين، وهذا الحكم القرآني بصدق المؤمن ظاهرا وليس بمجهولية حاله كما يدعون يكفينا حيث أن رواة الوصية شيعة مؤمنين والمؤمن صادق ظاهرا كما في القرآن وبهذا فرواة الوصية شيعة صادقون ظاهرا وهذا يثبت صحة سندها لمن يلتزمون بمسألة السند وتصحيحه ويعتمدون ويعولون عليها،
أما مسألة باطن المؤمن وكونه صادق أو كاذب على الحقيقة فهذه مسألة لم يكلف الله بها الناس ولا يعلمها غير رب الأرباب العالم بالبواطن ومن يشاء أن يعلمه.

اعتقد ما تقدم كاف ولكن للزيادة أضف أن قولهم بأن المؤمن كاذب ظاهرا حتى يثبت صدقه أو مجهول الحال ظاهرا حتى يثبت صدقه مخالف لسماحة شريعة الإسلام ويلزم منه تعطيل المحاكم الشرعية والقضاء والإيقاعات والعقود في كثير من الأحيان حيث لا تستطيع التوصل إلى شاهد على الزواج والطلاق والمرافعات إلا بشق الأنفس هذا إن حصل تسامح في شرط ثبوت العدالة والصدق عندهم وإلا فلا تثبت عدالة احد إلا عند الفاحص والمدقق نفسه بناءً على قولهم بان العدالة والصدق لا تثبت إلا بالفحص والتدقيق فالفاحص والمدقق نفسه يحتاج من يشهد له بالعدالة والصدق لتقبل شهادته عند غيره بحق شخص آخر وهكذا فالأمر يتسلسل ويبطل، فلا يمكن أن يثبت بهذا الطريق عدالة احد إلا من شهد له حجة من حجج الله ثبتت حجيته بالدليل أو تثبت للفاحص نفسه فقط ولا يمكن أن يفحص القاضي الشرعي عدالة كل الناس بنفسه إذن تعطلت الشهادة عند القضاة في الإسلام. إذن فقولهم بمجهولية حال المؤمن يجعل من العسير تحصيل الشهادات في المحاكم وما شابه من قضايا العقود والإيقاعات،
فقولهم باطل ومخالف لسيرة الرسول محمد (ص) والأئمة (ع) وللإسلام وسماحته وللقرآن ويسر أحكامه،
وأضف أن قولهم بمجهولية حال المؤمن يلزم منه عدم الاعتماد على سوق المؤمنين فضلا عن سوق المسلمين،
بينما الروايات اعتبرت الاعتماد على سوق المسلمين جائزاً، وفقهاؤهم يفتون بهذا.
أي أن الروايات عن الأئمة (ع) اعتبرت المسلم صادقا في قوله بذكاة السمك والذبائح وما شابه.
فما بالك بالمؤمن؟!!!
إذن فالصحيح أن نحكم بصدق المؤمن حتى يأتي دليل قطعي على كذبه.

أما من يصرون بعد هذا البيان على أن المؤمن مجهول الحال أو فاسق حتى تثبت عدالته أو صدقه فهذا شأنهم وهو عناد وتحكم بلا دليل بل الدليل قائم على أن المؤمن صادق ويصدق في قوله
وليسمع أتباعهم قولهم وليعرفوا أنهم فسقة ونكرات مجهولي الحال وغير صادقين عند فقهاء الضلال حتى وان اثبتوا أنهم مؤمنون حيث يُلزمهم فقهاء الضلال أن يثبت كل فرد منهم عدالته والتي لا يمكن ثبوتها على طريقتهم بدليل منطقي صحيح حيث لو قالوا تثبت عدالة الشخص بشهادة عدول أو عدلين له فهؤلاء العدول يحتاجون لشهادة أيضا وهكذا يتسلسل الأمر ويبطل.

وفوق كل ما تقدم فهؤلاء الذين يتبجحون بعلم الرجال ليس لديهم مادة رجالية أصلا في الجرح والتعديل تغطي عددا معتدا به من صحابة محمد وآل محمد (ص) ليحق لهم أن يتكلموا في الجرح والتعديل
فهم أصلا فاقدون لمادة الجرح والتعديل المعتد بها حيث هناك مئات الآلاف من صحابة الرسول والأئمة (ع) وليس لديهم في كتب رجال المتقدمين سوى ذكر عدد قليل جدا من هؤلاء
وإذا كان الحال هذا، فأي رواية لا تعجب بعضهم ولا توافق أهواءهم يمكنهم ردها بسهولة بحجة أن هذا الراوي مجهول الحال أو لم يذكر في كتب رجال المتقدمين في حين أن الأكثرية لم يذكروا وفي حين أن الحقيقة التي لا يعلمها عامة الناس: أن هؤلاء أصلا ليس لديهم مادة توثيق معتد بها منطقيا يتحاكمون لها. ومن يريد التفصيل أكثر يمكنه الرجوع إلى ما فصله شيخ ناظم حفظه الله في هذا الأمر.
والحمد لله رب العالمين

احمد الحسن
ذو الحجة 1433 هـ

المصدر: اضغط هنا