بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على محمد وآل محمد الائمة والمهديين وسلم تسليما كثيرا

لتحميل كتاب سقوط الصنم (صنم عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم) ـ بقلم د. توفيق محمد المغربي – اضغط هنا

ملخص الكتاب :

• عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بدعة
1. بداية البدعة.
بدات عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم وادخلت لاول مرة في كتاب فقهي في عهد كاظم اليزدي المتوفي سنة 1919 ميلادي في كتابه الفقهي العروة الوثقى. وكان من قبل يتدارس فقط كبحث غير محرر في الكتب الاصولية واول من بحثها في الكتب الاصولية العلامة الحلي المتوفي سنة 726 هـ فهو بدعة متاخرة.
يقول الدكتور عبد الهادي الفضلي : ((….إن موضوع التقليد، بدءا بحثا أصوليا، وفي عهد متأخر، يسبق عصرنا هذا مباشرة أو بقليل، تحول بحثا فقهيا. وأخال أن هذا التحول كان من السيد اليزدي في رسالته العلمية الموسومة بـ “العروة الوثقى‏”…)) دراسة فقهية لظاهرة الاجتهاد والتقليد.

2. خلو كتب الاحكام والعقائد قبل كاظم اليزدي من عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم.
الموجود في الكتب قبل كاظم اليزدي هو بحث التقليد في مباحث الاصول وهي مباحث غير محررة ولا وجود له لا في كتب العقائد ولا في كتب الفقه قبل كاظم اليزدي.

3. وجوب التقليد عقيدة عند الاصوليين.
وجوب تقليد المجتهد الجامع للشرائط هي عقيدة عند الشيعة الاصولية لان :
ـ اصل وجوب الرجوع للفقيه في زمن الغيبة الكبرى هو نظير أصل وجوب الرجوع للإمام ع في حضوره فهو مسالة عقائدية.
ـ بوب الشيخ المظفر في كتاب عقائد الامامية ـ الذي يدرس بحوزات النجف وقم ـ بابا بعنوان “عقيدتنا في التقليد”.
قال فيه: ((….أمّا فروع الدين ـ وهي أحكام الشريعة المتعلِّقة بالاَعمال ـ فلا يجب فيها النظر والاجتهاد، بل يجب فيها ـ….احد أمور ثلاثة إمّا أن يجتهد وينظر في أدلة الاَحكام، إذا كان أهلاً لذلك.وإمّا أن يحتاط في أعماله إذا كان يسعه الاحتياط.وإمّا أن يقلِّد المجتهد الجامع للشرائط، ……..فمن لم يكن مجتهداً ولا محتاطاً ثم لم يقلِّد المجتهد الجامع للشرائط فجميع عباداته باطلة لا تُقبل منه، وإن صلّى وصام وتعبَّد طول عمره،)).
والاجتهاد عندهم خاص بمن بلغ درجة الاجتهاد من الحوزة بشروطهم ـ والاحتياط فضلا عن كونه مسالة خلافية فهو احتياط بين فتاوي مجتهدين وله شروطه… يعني باختصار ان العامي (الغير الدارس بالحوزة) ليس له عندهم إلا الاعتقاد بوجوب تقليده لغير المعصوم.

4. ربما يدعي بعضهم إن (التقليد ليس عقيدة بل وجوب التقليد هو مسالة فرعية) ؟
وجوب التقليد متعلق بطريق اخذ الاحكام وليس متعلق بالاحكام نفسها (الذي هو امر متقدم عن وجوب التقليد) ولا متعلق بالعمل بها (الذي هو امر متاخر) فهو امر عقائدي .. بالاضافة الى انه يدرس في اهم الكتب العقائدية بحوزتي النجف وقم الا وهو كتاب عقائد الامامية للشيخ المظفر على انه عقيدة.

5. هل دليل فقهاء الشيعة القائلين بالتقليد عقلي او نقلي ؟
استدلال فقهاء الشيعة على وجوب تقليد غير المعصوم هو بالأساس عقلي وهو مبني على السيرة العقلائية وقاعدة رجوع الجاهل الى العالم
مثلا يقول الشيخ السبحاني : (( … بل يمكن ان يقال انه الدليل الوحيد، بناء العقلاء على رجوع الجاهل على العالم …)) الشيخ السبحاني ـ تقرير بحث السيد الخميني ج 3 ـ تهذيب الأصول
وقليل من الفقهاء استدل بالآيات والروايات واستدلالاتهم كلها غير تامة.
• الآيات من القرآن.

6. (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )

القول بان (اهل الذكر) في الآية هم فقهاء الشيعة في زمن الغيبة الكبرى غير صحيح:
ـ وردت عشرات الروايات بان اهل الذكر هم آل محمد (ع) خاصة فما هو دليلهم على تعدي هذه الخصوصية ؟ بل وردت وروايات تصف بالكذب من يدعي انه من اهل الذكر غيرهم (ع):
روى الميرزا النوري وكذلك السيد البروجردي عن علي بن الحسين ، ومحمد بن علي (عليهم السلام) : ((وعليكم بطاعة من لا تعذرون في ترك طاعته – طاعتنا أهل البيت – فقد قرن الله طاعتنا بطاعته وطاعة رسوله ، ونظم ذلك في آية من كتابه ، منا من الله علينا وعليكم ، فأوجب طاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاة الأمر من آل رسوله ، وأمركم أن تسألوا أهل الذكر ، ونحن والله أهل الذكر ، لا يدعي ذلك غيرنا الا كاذب ، تصديق ذلك في قوله تعالى : * ( قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ) * ثم قال : * ( فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون ) * فنحن أهل الذكر ، فاقبلوا أمرنا ، وانتهوا إلى نهينا ، فإنا نحن الأبواب التي أمرتم أن تأتوا البيوت منها ، فنحن والله أبواب تلك البيوت ، ليس ذلك لغيرنا ، ولا يقوله أحد سوانا ) مستدرك الوسائل – الميرزا النوري – ج 17 – ص 283 – 284 ـ جامع أحاديث الشيعة – السيد البروجردي – ج 1 – ص 178
ـ مضافا الى ان المصداق المسؤول في الآية في زمن الغيبة الكبرى هو الامام المهدي (ع) ـ وسبب غيبته هو إعراض الناس عنه
ـ لو تنزلنا وقلنا بامكان اطلاق اهل الذكر على غير المعصوم (الفقهاء في زمن الغيبة الكبرى) فيكون الوجوب هنا هو سؤال من لا يعلم لكي يتعلم ويعلم وليس ليعمل تعبدا (أي يقلد من يساله).
ـ رفض عدد من الفقهاء الأصوليين الاحتجاج بالآية على جواز تقليد غير المعصوم فضلا عن وجوبه فيكون النص على اقل تقدير متشابه فلا يسعفهم الاستدلال به :

يقول السيد الخوئي: ((الصحيح إن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد وذلك لأن موردها ينافي القبول التعبدي …. فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبداً من دون أن يحصل منها علم بالمسألة…)) السيد الخوئي ـ كتاب الاجتهاد والتقليد ص90.

7. آية النفير (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)

تفسير آل محمد (ع) لآية :
أ/ الذهاب للحج للتفقه ونقل اخبار الائمة الى قومهم : عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع قال : ( فإن قال فلم امر الحج ؟ قيل : لعلة الوفادة إلى اللّه عزوجل وطلب الزيادة ……مع ما فيه من التفقّه ونقل أخبار الائمة (ع) إلى كل صقع وناحية كما قال اللّه عزوجل : (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقّهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون * وليشهدوا منافع لهم)……) وسائل‏ الشيعة ـ ج 11 ـ ص ـ 12
ب/ النفير من البلدان الى رسول الله (ص) ليتعلموا ويرجعوا الى قومهم فيعلموهم:
عن عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (ع) إِنَّ قَوْماً يَرْوُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (ص) قَالَ : اخْتِلَافُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ . فَقَالَ : صَدَقُوا . فَقُلْتُ : إِنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ رَحْمَةً ، فَاجْتِمَاعُهُمْ عَذَابٌ . قَالَ : لَيْسَ حَيْثُ تَذْهَبُ وَذَهَبُوا إِنَّمَا أَرَادَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) . فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْفِرُوا إلى رَسُولِ اللَّهِ (ص) فَيَتَعَلَّمُوا ثُمَّ يَرْجِعُوا إلى قَوْمِهِمْ فَيُعَلِّمُوهُمْ إِنَّمَا أَرَادَ اخْتِلَافَهُمْ مِنَ الْبُلْدَانِ لَا اخْتِلَافاً فِي دِينِ اللَّهِ إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ إِنَّمَا الدِّينُ وَاحِدٌ )) علل ‏الشرائع ج : 1 ص ـ85.
ج/ النفير لمعرفة الإمام التالي إن توفي الإمام السابق :
في صحيحة يعقوب بن شعيب قال : (قلت لابي عبدالله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عزوجل: فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ إلى قوله: يَحْذَرُونَ) قال: هم في عذر ما داموا في الطلب، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم) الكافي ـ ج 1 ـ ص ـ 427
د/ ظاهر النص :
نفر = تجافٍ وتباعد
التفقه = تعلم وفهم العلوم الحقة ويشمل العقائد والاحكام
الانذار = التبليغ مع التحذير وهو مشروط بالتفقه
الحذر = اخذ المأمن من الهلكة والعقوبة أي إحراز اليقين بالنجاة
الآية بظاهرها ـ بغض النظر عن تفسير آل محمد ع لها ـ أجنبية تمام عن وجوب تقليد غير المعصوم. فالانذار ليس هو الافتاء وان قلنا ان الافتاء داخل تحت الانذار فهو يحتاج الى دليل خاص لوجوبه لانه ممكن الانذار بالقصص والنصح والموعظة ـ والحذر ليس هو وجوب العمل تعبدا بل هو احراز اليقين بالنجاة ـ والعمل عند الانذار لا يكون تقليدا الا اذا اعتقدنا حجية الذي انذرنا.
قال السيد الخميني في رد الاستدلال بآية النفير بعد مناقشة الدلالة : (…والانصاف: أن الاية أجنبية عن حجية قول المفتي، ……… هذا حال الايات الشريفة، والايات الاخر التي استدل بها ، أضعف دلالة منهما.) الاجتهاد والتقليد ص 92 ـ 95.

* الروايات
8. حديث (فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه… فللعوام أن يقلدوه)
من يريد ان يثبت عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم عليه ان ياتي بدليل قطعي يقيني وهو عند الاصوليين يكون اما بآية محكمة الدلالة او رواية متواترة قطعية الدلالة او دليل عقلي تام.
فهل هذه الرواية متواترة وقطعية الدلالة لتصلح لاثبات عقيدة ؟

من حيث السند :
الرواية واردة في التفسير المنسوب الى العسكري ع الذي لم يثبت عندهم بطريق صحيح فالرواية ضعيفة السند ومرسلة ولا تصلح للاحتجاج :
السيد الخوئي : ( ….. رواية الاحتجاج…. رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد ) وقال ايضا: (…الرواية ضعيفة السند لأن التفسير المنسوب إلى العسكري – عليه السلام – لم يثبت بطريق قابل للاعتماد عليه..) كتاب الاجتهاد والتقليد – ص 81 ـ 221 – 222.
من حيث الدلالة :
أ/ التقليد المرخص فيه هنا هو تقليد الرواية نقلا عن المعصوم وهو غير التقليد المصطلح عليه اليوم عند الاصوليين الذي هو قبول قول ورأي الفقيه المقلد دون طلب دليل فالرواية لا يمكن الاستدلال بها حتى على جواز التقليد فضلا عن وجوبه.
ب/ لو تنزلنا وقلنا ان الرواية تجوز اخذ قول غير المعصوم دون طلب الدليل كما هو تعريف التقليد اليوم وانها في الاحكام باطلاقها عن موردها الذي هو (العقائد) … فستكون تشمل جواز التقليد في العقائد والاحكام فتكون معارضة بعشرات الآيات والروايات التي تحرم التقليد في العقائد.
قال الحر العاملي : (التقليد المرخص فيه هنا إنما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظن وهذا واضح ، وذلك لا خلاف فيه ، ولا ينافي ما تقدم وقد وقع التصريح بذلك فيما أوردناه من الحديث وفيما تركناه منه في عدة مواضع ، على أن هذا الحديث لا يجوز عند الأصوليين الاعتماد عليه في الأصول ولا في الفروع ، لأنه خبر واحد مرسل ، ظني السند والمتن ضعيفا عندهم ، و معارضه متواتر ، قطعي السند والدلالة ، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية) وسائل الشيعة (آل البيت ) – الحر العاملي ج 72 ص 131-132/ ج18 ص 94 .

10. التوقيع (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا)

علماء الاصول يشترطون في الدليل القطعي احد هذه الأمور : ـ إما دليل عقلي تام أو دليل نقلي تام وهو:
ـ إما آية قرآنية محكمة ظاهرة الدلالة وبينة المعنى أو ـ رواية قطعية الصدور قطعية الدلالة أي متواترة او محفوفة بالقرائن القطعية وأما روايات الآحاد فممنوع الاعتماد عليها في الاعتقاد عندهم.
فهل الرواية متواترة وقطعية الدلالة لتصلح لاثبات عقيدة ؟
من حيث السند :
التوقيع عندهم ضعيف سندا بـ(محمد ابن عصام) و(اسحاق بن يعقوب)
ـ السيد الخميني: (وفيه “أي التوقيع” : – بعد ضعف التوقيع سندا – …. ) الاجتهاد والتقليد – السيد الخميني – ص 100
ـ السيد الخوئي : ( أنها قاصرة سندا ودلالة . أما السند فلجهالة ابن عصام ، وكذا إسحاق بن يعقوب ) كتاب الصوم – السيد الخوئي – ج 2 – شرح ص 83

من حيث الدلالة:
ـ دلالة التوقيع في السفراء الثاني والثالث والرابع لان التوقيع ورد في عهد السفير الثاني رحمه الله ولو كان يمكن إطلاقه على الفقهاء في زمن الغيبة الكبرى لكان صدر التوقيع في زمن السفير الرابع السمري رحمه الله.
ــ الحوادث الواقعة لو أطلقت تعم العقائد والتشريع وهو خلاف حرمة التقليد في العقائد عندهم ويحتمل ايضا ان تكون خاصة بقضايا معهودة بين الامام والسائل.
ـ لو تنزلنا الى امكانية اطلاقه على الفقهاء فيكون الاشكال على لفظ “رواة حديثنا” فهو ظاهر في نقل الحديث ممن له اتصال بالمعصوم ولا يصدق على المجتهد في الغيبة الكبرى.

اشكال اضافي : يذكر الحديث (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا) قضية اباحة الخمس للشيعة
جاء في نفس التوقيع (وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجُعلوا منه في حل إلى أن يظهر أمرنا لتطيب به ولادتهم) وهو صريح في اباحة الخمس للشيعة في زمن الغيبة الثانية فكيف يحتجون به في امر عقائدي وهو التقليد وينهون عن العمل به في اباحة الخمس لانه ضعيف السند؟!؟!.

10. مقبولة عمر بن حنظلة

من حيث السند:
هي ضعيفة سندا ولم يثبت انها مقبولة كما صرح به السيد الخوئي ولو ثبت لما كان جابرا ضعف سندها.
قال السيد الخوئي : (…مقبولة عمر بن حنظلة …الرواية ضعيفة السند بعمر بن حنظلة، إذ لم يرد في حقه توثيق ولا مدح وان سميت روايته هذه بالمقبولة وكانها مما تلقته الاصحاب بالقبول وان لم يثبت هذا أيضا…) الاجتهاد والتقليد ـ ص 143.

من حيث الدلالة:
المقبولة هي في القضاء والحكومة الذي هو إمضاء التشريع داخل النصوص الشرعية اضافة الى كونها في زمن المعصوم وليس في زمن الغيبة الكبرى.
وكل روايات الحكومة والقضاء مثل مشهورة ابي خديجة وما شابهها فمضافا الى مناقشة السند يقال فيها:
ان القضاء هو امضاء التشريع وإنفاذ الحكم فلا يمن الاستدلال بها حتى على جواز الافتاء فضلا عن التقليد
فروايات القضاء اجنبية عن الفتوى وعن وجوب تقليد غير المعصوم.

11. روايات الاصحاب :
استدل بعضهم بروايات يأمر فيها الأئمة (ع) خواص أصحابهم بالإفتاء أو يأذنون لهم في ذلك مثل رواية أبان بن تغلب ومعاذ بن مسلم النحوي وروايات مدح وتوثيق خاصة السفراء والأصحاب كالعمري وابنه وزكريّا بن آدم القمّي ويونس بن عبد الرحمن وأبو بصير …
مناقشة الاستدلال :
ـ إحالة الأئمة (ع) على هؤلاء الأصحاب الأخيار قد بينوا (عليهم السلام) سببه وعلته وهو انهم (ع) استحفظوهم رواياتهم وائتمنوهم على الحلال والحرام ينقلون بكل ثقة وأمانة ما استودعوا فلا وجه للمقارنة بينهم وبين فقهاء اليوم في الغيبة كيف وهؤلاء هم القرى الظاهرة في القرآن مع أن خصوصيتهم لم يجز تعديها لغيرهم في زمن الحضور فباي دليل جاز تعديها لغيرهم في الغيبة ؟
ـ لو قلنا إن المعصوم (ع) ارجع السائلين إلى بعض أصحابه فالإرجاع هنا ليس واجبا مضافا الى ان الأخذ من هؤلاء الأصحاب المتصلين بالمعصوم (ع) وينقلون عن المعصوم مباشرة ليس شيئا آخر غير تقليد المعصوم وبالتالي فلا دلالة في الروايات على عقيدة تقليد غير المعصوم.

12. رواية “العلماء ورثة الانبياء” وروايات “منزلة علماء امتي “
من حيث السند :
هناك روايتين يستدلون بها على ان الفقهاء هم ورثة الانبياء وكلاهما ظني السند حسب مبانيهم فلا تثبت منه عقيدة.
اما روايات (علماء امتي افضل او بمنزلة انبياء بني اسرائيل) فهي عندهم أخبار ضعيفة السند إذ أنها في أحسن الحالات مرسلات.
من حيث الدلالة :
ـ على فرض ورود الخبر عن النبي (ص) فمعنى (العلماء) في الروايات هم الأوصياء (ع) كما جاء عنهم (ع) : (نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون).
ـ ان تنزلنا وقلنا انها تشمل فقهاء الغيبة الكبرى فيكون الحجية فقط للعلم الموروث يعني حجية االرواية التي تفيد العلم عنهم (ع)
ـ فضلا على الاشكال بكبار فقهاء الشيعة الذي لم يقولوا بوجوب التقليد لغير المعصوم أمثال المفيد ومن قالوا بحرمته امثال الحر العاملي فهل يصدق عليهم ايضا ورثة الانبياء ام ان ورثة الانبياء هم الاصوليون دون غيرهم ؟
بالنتيجة : الروايات ظنية الصدور واجنبية عن وجوب تقليد غير المعصوم.

الاستدلال العقلي :
• قاعدة رجوع الجاهل الى العالم

12. قاعدة رجوع الجاهل الى العالم كرجوع المريض الى الطبيب
قاعدة رجوع الجاهل الى العالم هي قاعدة عقلية لا اشكال فيها ولكن الاشكال في مصداق الجاهل والعالم.
ـ الكلام في الدين والله سبحانه لا يقبل فيه الا اليقين فالعالم في الدين هو العالم المطلق او المتصل بالعالم المطلق (وهو الله سبحانه وخلفاءه المنصبين منه المتصلين به سبحانه) لضمان النجاة 100% اما المجتهد فهو ظان وليس بعالم باحكام الدين فلا يتم الاستدلال بتطبيق القاعدة عليه.
ـ يحكم العقل ببطلان وجوب الرجوع إلى من يحتمل فيه الخطاء في الدين لدفع الضرر المحتمل.
((أنّ العقل يفرِّق بين الضرر الدنيوي المحتمل فلا يحكم بوجوب دفعه إلاّ إذا كان خطيراً لا يتحمّل. وأمّا الضرر الأُخروي الذي هو كناية عن العقاب الأُخروي فيُؤكِّد العقل على وجوب دفعه و يستقلّ به، فلا يرخّص استعمال شيء فيه احتمال العقوبة الأُخروية، ولو احتمالاً ضعيفاً…)) الشيخ جعفر السبحاني ـ الموجز في أُصول الفقه ـ ج 2.

• السيرة العقلائية

13. شروط الاستدلال بالسيرة وما ينتج عنها
استدل فقهاء الشيعة الاصوليون على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم بالسيرة العقلائية والاستدلال بها غير تام ويكفي ان نلاحظ امور :

أ/ سيرة العقلاء ـ ان تمت ـ عندهم لا ينتج منها الوجوب بل فقط الجواز.
ب/ أهم شروط الاستدلال بالسيرة غير متحققة في موضوع التقليد
فهم اوجبوا :
• اثبات اتصال السيرة بزمن المعصوم (ع) ولم يثبت هذا الامر في موضوع التقليد.
• االقطع برضا الشارع بالسيرة ولو بإثبات عدم الردع عنها (او النهي ) وهو ايضا غير حاصل بل الوارد هو النهي عن تقليد الفقهاء في الاحكام وفي الدين عموما.

14. هل سكوت الامام المهدي محمد ابن الحسن (ع) في زمن الغيبة الكبرى عن العامة هو اقرار بعملهم ؟
لا.
السكوت في زمن الغيبة الكبرى ليس امضاءا من الامام المهدي (ع) وذلك لامور
اولها/ ان النهي عن التقليد ورد عن أبائه (ع) منذ زمن بعيد كما نقله المفيد والروايات التي نقلها الحر العاملي وغيرهم.
ثانيا / هم غير قاطعين بوجوب تدخل الامام (ع في الغيبة (التي سببها الناس باعراضهم) بالنهي عن المنكر وتعليم الجاهل ـ ولان استظهار امضاء المعصوم يعرف من حاله وهذا لا يمكن في حال الغيبة :
قال السيد محمد باقر الصدر ((… ان سكوت المعصوم في غيبته لا يدل على امضائه لا على اساس العقل ولا على أساس استظهاري، اما الاول فلانه غير مكلف في حالة الغيبة بالنهي عن المنكر وتعليم الجاهل، وليس الغرض بدرجة من الفعلية تستوجب الحفاظ عليه بغير الطريق الطبيعي الذي سبب الناس أنفسهم إلى سده بالتسبيب إلى غيبته. واما الثاني فلان الاستظهار مناطه حال المعصوم، ومن الواضح ان حال الغيبة لا يساعد على استظهار الامضاء من السكوت.)) السيد محمد باقر الصدر ـ دروس في علم الاصول ـ الحلقة الثانية ـ تعريف علم الاصول

15. دليل السيرة العقلائية ينهدم بمجرد ورود رواية ولو ضعيفة السند.
الاستدلال بالسيرة ينهدم بمجرد ورود رواية ولو ضعيفة السند رادعة (ناهية) وذلك لان شرطها القطع بعم الردع من المعصوم (ع).

ـ هذه رواية صريحة صحيحة وبيان مشهور ينقله ويفتي به الشيخ المفيد في كتابه العقائدي المسمى بـ”تصحيح اعتقادات الإمامية ” : عن الصادق عليه السلام :
((قال – عليه السلام – : ( إياكم والتقليد ، فإنه من قلد في دينه هلك ) إن الله تعالى يقول : ( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله ) فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ، ولكنهم أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم – حلالا ، فقلدوهم في ذلك ، فعبدوهم وهم لا يشعرون ) .)) تصحيح اعتقادات الإمامية – الشيخ المفيد – ص 72 – 73
فلما لا تكفي هذه الرواية الصحيحة والبيان الواضح في الردع ان كان اطلع عليه الفقهاء وعلماء الاصول ؟! وان لم يطلعوا عليه فتلك مصيبة اخرى…!

ـ بل ان الروايات الصحيحة والصريحة القطعية الدلالة الرادعة عن التقليد كثيرة جدا وقد قيل بتواترها.
قال الحر العاملي رحمه الله في الفصول المهمة في أصول الأئمة ـ ج 1 : (( باب 14 – عدم جواز تقليد غير المعصوم في الاحكام الشرعية : 1 – محمد بن يعقوب، عن عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبى بصير، عن أبى عبد الله (ع) قال:” قلت له: (إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة انفسهم ولو دعوهم ما أجابوهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون. ” اقول: والاحاديث في ذلك متواترة…))

اشكالين

الاشكال الاول/: ما حكم الذين كانوا يعتقدون بوجوب التقليد قبل مجئ الامام اليماني عليه السلام ؟!
ـ من يطرح هذا الاشكال لم يطرح دليلا على عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم وهذا يدل على انه :
اولا مقر ببطلان هذه العقيدة وانها بدعة
وثانيا فاقد لدليل نقض على ما قدمناه
وثالثا مرحلة الاشكالات هي مرحلة تجلية الدليل ورفع الشبهات عنه.
فنقول :
ـ القول بوجوب تقليد غير المعصوم هو قول باطل ووجود باطل في العقيدة لا يعني الاخراج مطلقا من الولاية وعموما نحن لسنا مكلفين بمعرفة حال الناس السابقين والى اين مآلهم والله يحاسب كل انسان بحسب عمله !
ـ ايضا الزمن الذي سبق بعث الامام احمد الحسن (ع) هو كالزمن الذي سبق بعث موسى (ع) والذي سبق بعث محمد (ص) فهو زمن فترة والله قد سكت عن حكم الفترات.
قال تعالى في جواب فرعون ـ لما سال نفس السؤال (ما بال القرون الأولى) ـ على لسان موسى (ع) ـ لان موسى اجابه بامر الله ـ قال : (علمها عند ربي) يعني لا تسأل عنها لان السؤال عنها لا علاقة له بموضوع البحث الان (وهو ـ اي موضوع البحث ـ رسالة موسى عن الله)
فجوابنا على سؤال الفقهاء ((ما حكم الذين كانوا يعتقدون بوجوب التقليد قبل مجئ الامام اليماني عليه السلام ؟!))هو نفس جواب موسى (ع) لفرعون وهو جواب الله سبحانه وتعالى : علمها عند ربي.
فالسؤال لا علاقة له بموضوع البحث وهو عقيدة تقليد غير المعصوم التي تبين انه لا دليل عليها.

الاشكال الثاني / : ماذا نفعل في الغيبة ان لم نقلد؟ هل على الجميع حتى الامي استنباط الحكم الشرعي من الروايات؟
ـ انت الآن لم تطرح دليل يوجب عقيدة وجوب تقليد غير المعصوم. وهذا يدل على انك : … اولا مقر ببطلان هذه العقيدة وانها بدعة … وثانيا فاقد لدليل نقض على ما قلناه … وثالثا اننا في مرحلة تجلية الدليل ورفع الشبهات عنه. وهو مثل اشكال فرعون على موسى ع بـ (ما بال القرون الاولى) الذي لم يرد عليه موسى ع بل فقط قال علمها عند ربي في كتاب.
ـ كان الشيعة في زمن الفقهاء الاوائل (المفيد والطوسي والكليني والصدوق..) يعملون وفق ما نقلوا في كتبهم وهذا امر مختلف على وجوب تقليد غير المعصوم. ولا تجد في كتبهم باباً اسمه التقليد كما في كتب الأصوليين كتاب التقليد. فهل علماء الشيعة الأوائل الذين حفظوا المذهب هم الحق، أم هؤلاء اليوم هم الحق ؟ وهل الفيض الكاشاني، والميرزا النوري، ونعمة الله الجزائري، والحر العاملي، وغيرهم … كلهم باطل وكلهم يقولون ببطلان التقليد ؟!

والحمد لله وحده.