خليفة الله هو العالم الذي يمكنه الاستغناء عن غيره من الناس، وليس لأحد من الناس الاستغناء عنه وعن علمه؛ لأنّ الله يوحي إليه كل ما يستجد في دين الله، وكل ما يحتاجه أهل زمانه في دينهم. والعلم الواجب هنا هو العلم الديني الذي يكلف خليفة الله بتبليغه للناس، فلابد أنْ يكون خليفة الله متصلاً بالله ويعلمه الله ما يحتاج إليه في تبليغ رسالته وإيصال الدين الحق الذي يرضاه الله للناس، وكل ما يستجد من أحكام إلهية، والقول الفصل وحسم ما يختلف فيه الناس.

ويمكن لمن يطلب الحق أنْ يكون هذا الأمر – أي العلم بما يستجد وقول الفصل وحسم ما اختلف فيه الناس – دليلاً له لمعرفة خليفة الله يعضد دليل النص عليه، ولا يشترط بخليفة الله معرفة علوم استقرائية أو تجريبية أو حتى دينية سابقة كرسالات خلفاء الله الذين سبقوه، وإنما الواجب في علمه أنْ يكون متصلاً بالله ويعلمه الله أولاً بأول ما يحتاجه في رسالته التي يرسله الله بها للناس. وهذا لا يعني أنه لابد أنْ يكون خليفة الله يجهل رسالات خلفاء الله السابقين أو العلوم التجريبية أو الاستقرائية، وإنما فقط لا يجب ولا يشترط فيه أنْ يعلمها أو يعلم كل تفاصيلها. فهو قد يعلمها بالتحصيل أو حتى بإلهام إلهي أو بكليهما عند وجود ضرورة لذلك، أي أنه يتعلم كغيره بالقراءة مثلاً، ولكن الله يمنّ عليه بأنْ يزيده بالإلهام الإلهي باعتباره خليفة الله، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بالدين، كإثبات وجود الله سبحانه أو الدفاع عن الدين عموماً، أما الاعتقادات الساذجة لبعض الحشوية من وجوب العلم بكل اللغات، أو العصمة باللغة وما شابه من جهالات، كالاتصاف بالتأثير بالحجر، فسيأتي مناقشتها وبيان جهل من يعتقدها.

وربما يضطر خليفة الله للصمت فترة من الزمن من خلافته، ولا يظهر علمه كما هو حال أزمنة الفترات. وقد بيّنتها وبيّنت علّتها، وهو عدم وجود القابل للحق،

أو يصمت لضرورة يريدها الله سبحانه، كأن يؤدي مهمّته الأولى وهي تهيئة من سيستلم خلافة الله من بعده

المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)


تسليم خلافة الله أمانة كلف بها خليفة الله

الإمام الرضا (ع) لم يظهر علمه حتى أتم تهيئة من يأتي بعده