حقيقة من لديه خلفية علمية ولو بسيطة في مسألة التطور وكيف تحصل علمياً، أو أنه قرأ كتباً لعالم مختص في التطور ونظر إلى رده على الإشكالات، أو حتى قرأ كتاب دارون الذي كتبه في القرن التاسع عشر وضمّنه عدداً كبيراً من الإشكالات ورد عليها
ثم يطالع ما يكتبه هؤلاء ممن يسمون أنفسهم مراجع ورجال دين يجدهم قوماً يتكلمون فيما لا يعلمون،
فهم حتى لا يفهمون التطور وكيف يحصل كما يطرحه علماء التطور، بل فهموه بصورة مقلوبة ثم أخذوا يشكلون على فهمهم المقلوب، وبصورة غاية في السطحية والسذاجة
أو أنهم يعيدون طرح إشكالات دارون التي طرحها هو بنفسه في كتابه ورد عليها كما مر في بيان إشكالهم الساذج والسطحي على قوانين وآليات الجيولوجيا التاريخية لتحديد الطبقة الأقدم بدقة مع أن هذا أمر مفروغ منه، أو الإشكال على نظرية التطور بختان الأطفال ولماذا لا يورث، وبقرد يدرب على المشي لماذا لا يورث صفة المشي إلى أبنائه،
وهذه مسائل عندما يقرأها عامة الناس الذين لا يعرفون معنى التطور ربما تنطلي عليهم، ولكنها إشكالات ساذجة عند من يعرف نظرية التطور وكيف يحصل التطور
فالصفات التي تورث للجيل التالي هي الصفات المكتوبة في الخريطة الجينية للكائن الحي وليس الصفات المكتسبة كمشي قرد مدرب أو ختان طفل، وهذا أمر بديهي عند علماء علم الأحياء التطوري.
أو أن هؤلاء الذين يردون على نظرية التطور يفترضون أن علم الأحياء التطوري يقول بأن الأعضاء المركبة والمعقدة كالعين وجدت بطفرة واحدة، وهذا لا يقول به حتى دارون فما بالك الآن، والمفروض أنهم الآن يردون على ما يدرس في الجامعات العريقة حول العالم ولا يُدرس في هذه الجامعات أن الأعضاء المركبة والمعقدة مثل العين وجدت بطفرة واحدة ولا حتى بعشرات أو مئات الطفرات،
والحقيقة أن هؤلاء يجهلون أبجديات نظرية التطور ثم يقومون بعرضها بصورة مشوهة ويردون على فهمهم الخاطئ لنظرية التطور، وهذا يثير الاشمئزاز عند من يقرأ كتبهم ويدفعه ليحكم بأنهم مهزومون هزيمة تامة أمام التطور، بل وأمام التيار الإلحادي الذين يحاولون مواجهته بنظرية الخلق دفعة دون تطور التي لا تعارض علم الأحياء وعلم الجيولوجيا التاريخية وعلم الآثار فحسب، بل تعارض حتى النص الديني الصريح كما سيتبين عندما سنصل إلى النصوص الدينية (كالقرآنية) الدالة بوضوح على أن الخلق حصل بمراحل، وبالتطور.

المصدر: كتاب وهم الإلحاد – السيد أحمد الحسن