كتب السيد أحمد الحسن (ع) هذا التقديم للكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق أجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين.
كان اتباع أهل البيت (ع) يحتجون على الناس بالقرآن والروايات والرؤيات والاخبارات الغيبية وشفاء المرضى بإذن الله وسيرتهم وعلمهم (ع) بكتاب الله محكمه ومتشابهه و … و … و … لإثبات إمامة أهل البيت (ع) وأحقيتهم وان الوصية فيهم فيردهم المعاندون هذا ليس دليل وهذا ليس بحجة .
ومصيبتنا عادت اليوم مع من يدّعون اتباع أهل البيت (ع) كمصيبتنا بالأمس مع الناس فالقرآن ومعرفة محكمه و متشابهه وناسخه ومنسوخه ليس حجة عند هؤلاء !!! ووصية رسول الله (ص) ليست حجة !!! والنصوص الصحيحة عن أهل البيت (ع) ليست حجة !!! ، ومئات بل آلاف الرؤيات بالمعصومين (ع) عند أناس متفرقين تنص على إن الحق هاهنا ليست حجة !!! ، والكشف والشهود عند أولياء الله ليس حجة !!! ، والاخبارات الغيبية ليست حجة !!! ، والمعجزة ليست حجة بل سحر !!! ، والمباهلة ليست حجة !!! و… و… جئت بكل ما جاء به الأنبياء والمرسلين (ع) ولم يبق إلا العذاب وللآن يقولون لم يأت بدليل ولم يأت بحجة
فمع هؤلاء لا يبقى إلا العذاب حجة ولا تبقى إلا نار جهنم التي سيصلونها حجة وعندها سيخاطبهم سبحانه وتعالى : (أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) (الطور:15) .
قرأت هذا الكتاب وهو رد موفق للشيخ ناظم العقيلي على جواب السيد محمود الحسني لسؤال سأله فيه سائل عن هذه الدعوة الحقة فكذب السيد محمود الحسني هذه الدعوة في طيات كلامه دونما حجة : (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (يونس:39) ، وطلب السيد محمود الحسني في جوابه معجزة – توهمها هو – في أصول الفقه ، وكأنه لا يعلم إن أصول الفقه علم ظني ونظريات ظنية مستندة إلى قواعد وضعها كفرة اليونان وقالوا إنها بديهيات منطقية لا خلاف فيها بين العقلاء ، وليت شعري لو كان هؤلاء اليونانيين عقلاء لما اعرضوا عن الأنبياء : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الحجر:72) ، ولو كان دين الله يصاب بعقول بني آدم الناقصة لصح استدلال كارل ماركس ومن أسس لإنكار وجود الله سبحانه وتعالى ولكانوا معذورين ، فقد تبنوا قواعد ادعوا إنها بديهيات وأسسوا عليها نظريات أنكروا بها وجود الله سبحانه وتعالى وضلوا وأضلوا بها نصف أهل الأرض .
واصل المشكلة إن الإنسان لم يعرف نفسه فتكبر وتجبر ، وظن إن ظل العقل الذي أودع فيه هو عقل تام فتوهم إن عقله معصوم أو انه يستطيع أن يعصم عقله بعقله : (كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى) (العلق:6-7) ، فتوهم بديهية ( كما ادعاها كفرة اليونان ) ووضع نظرية قال إنها الحق المبين والصراط المستقيم ، لا يخالفها الا جاهل او مجنون لان اكثر الناس قبلوها ، والله يقول : (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (الأنعام:116) ويقول : (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) (المؤمنون:70) فالأنبياء والأوصياء بحسب هؤلاء جهلة ومجانين، حاشاهم من ذلك وصلوات الله عليهم فقد عاشوا غرباء بين الناس فليت شعري من المجنون ومن العاقل ، فعند أهل الأرض انهم هم العقلاء والأنبياء (ع) مجانين وعند أهل السماء الأنبياء (ع) الغرباء هم العقلاء ، فنبي الله ذو الرس لم يصدقه ولا واحد من أهل زمانه بل كذبوه بأجمعهم وبحسب نظرهم انهم هم العقلاء العلماء وهذه هي آفة بني آدم التي أردتهم في هاوية جهنم وجعلتهم يحاربون الأنبياء والأوصياء على مدى العصور ويتهمونهم بالجهل والجنون ومخالفة العقلاء كما أوهمهم الشيطان (لعنه الله) بذلك (وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) (الصافات:36) ، (ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ) (الدخان:14) ، (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذريات:39) ، ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) (الذريات:52) ، (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) (القمر:9) ، والله يقول (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (الطور:29) فبربكم من تريدون أن نصدق الله وسكان سماواته أم أهل الأرض ،لا والله لا نختار على تصديق الله سبحانه وتعالى شيء صدق الله ورسوله هذا ما وعدنا الله ورسوله ، فأهل الأرض هم المجانين على كثرتهم والأنبياء الغرباء هم العقلاء على قلتهم.
والحق ولا أقول إلا الحق إن ظل العقل الذي عند بني آدم ترد عليه أوهام الشياطين من الأنس والجن كما يرد عليه الحق من الملائكة والصالحين فلابد للإنسان من عاصم يميز به الحق ليتبعه فان كان نبياً أو وصياً كان العاصم هو الله سبحانه وتعالى (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (الجـن:27-28) ، أما غير الأنبياء والأوصياء (ع) فلا عصمة لهم إلا بالأنبياء والأوصياء (ع) ، ولا حيلة لهم إلا اتباعهم واقتفاء آثارهم فان اعرضوا عنهم (ع) تخبطوا العشواء وخاضوا في الجهالات والأوهام ( وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)(الكهف: 104) ، ويحسبون جهالاتهم وأوهامهم هي تمام العقل والعلم والكمال وهي الشيطنة والجهل والنقص ، وكما عبر الإمام الصادق (ع) عن عقولهم بأنها النكراء والشيطنة (راجع الكافي ج1) ، لان العقل ما عبد به الرحمن واكتسبت به الجنان ، ولا تكسب الجنان ولا يعبد الرحمن إلا باتباع واقتفاء اثر صاحب العقل الكامل المعصوم من الله وهو حجة الله على خلقه ولا يكون إلا نبي أو وصي وباتباعه واقتفاء آثاره تكمل العقول وتعصم بفضل الله وفضله (ع) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (آل عمران:31) ، فهذا ظل العقل إن أودعه ابن آدم الجواهر من العلم والمعرفة بالله والحق من اتباع حجة الله واقتفاء أثره ارتقى به في ملكوت السماوات الست حتى يصل الى تمام العقل في السماء السابعة الكلية فيكون من المقربين.
سبحان الله إن وعد ربي كان مفعولا.
ومع الأسف كل الناس يعملون لإطعام أجسادهم وقليلون هم الذين يطعمون أرواحهم ، واكثر الناس لا يهتمون لمعرفة الحقيقة ويهتمون للدنيا ولا نفسهم وقليلون هم الذين يهتمون لمعرفة الحقيقة واقل منهم الذين يعرفون الحقيقة واقل الذين يعملون للوصول للحقيقة وقليلون يصلون للحقيقة.
وأسال الله أن يكون الشيخ ناظم العقيلي (حفظه الله) العالم الفاضل والولي الناصح لآل محمد (ع) قد وفق في هذا الرد لإظهار الحق مستنداً إلى كتاب الله وسنة النبي الكريم محمد (ص) وأهل بيته الأطهار (ع).
وأرجو من السيد محمود الحسني أن يسمع الحق ويخضع للحق ويتبع داعي الحق ، وان يحارب الأنا ويخزي الشيطان (لع) داعي الأنا (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (صّ:76).
فنحن قوم قد ظلمنا منذ أن قبض نبينا (ص) إلى يومنا هذا ، فلا يشرك نفسه مع من ظلمنا ولا يكون ممن يدعوا إلى حقنا وينكرنا ويقاتلنا ويتأول علينا.
فان تنصفوني فانا وأعوذ بالله من الأنا بقية من نوح وذخيرة من ابراهيم (ع) وقطعة من طور موسى (ع) وبشارة عيسى (ع) ونور من محمد المصطفى (ص) أبي علي المرتضى وأمي فاطمة الزهراء (ع) ودماء الحسن والحسين (ع) تجري في عروقي ، أنا بقية من آل محمد (ع) و (نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى) (النجم:56) ، أنا طالع المشرق ونجمة الصبح درع داوود (ع) ، أنا رحمة الله بالمؤمنين ونقمة الله على الكافرين.
أرسلني أبي الإمام محمد بن الحسن المهدي (ع) بشيراً ونذيرا بين يدي عذاب شديد ، فان تنكروني اصبر حتى يأذن الرحمن في أمري وحتى يعلم الله أني صبرت على أمرٍ أمّرُ من الصبر كما صبر آبائي (ع) فطالما صبر أبي (ع) حتى شهد الله وملائكته وأنبياءه ورسله انه اصبر من أيوب (ع) وازهد من عيسى (ع)، وما أغناه (ع) وأغناني عما في أيديكم فان له (ع) ولي أنا العبد الفقير لرحمة ربه مقعد صدقٍ عند مليكٍ مقتدر ، وقد بعثني لأنقذكم من النار المستعرة في هذه الدنيا وغداً في القيامة ، بعد استصراخكم إياه واستغاثتكم به مساءً وصباحاً وسيندم غداً من يساوي نفسه اليوم بآل محمد ولات حين ندم وسأقف بين يدي حكم عدل وتقفون ونعم الحكم الله والموعد القيامة (يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً) (الفرقان:27).

احمد الحسن
وصي ورسول الإمام المهدي (ع)

1 / ربيع الأول/1426 هـ.ق
أنصار الإمام المهدي (مكن الله له في الأرض)