﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾[الكهف: 110].

يجب أن يعي أي إنسان أنه من غير المنطقي أن يقوم هو بغلق أذنيه عن سماع ما وراء الجدار، ثم يقول – عناداً وتعنتاً – لمن سمعوا: لا يوجد شيء خلف الجدار. فالمفروض أولاً أن أفتح أذني وأحاول السماع، وعندها إذا لم أسمع كما سمعوا، يمكنني أن أحكم أنه لا يوجد شيء خلف الجدار.

الحق، إنّ طريق الوحي هو الطريق الأصل والأشرف،
وأوله التصديق بوجود الحقيقة (أو الله سبحانه)،
ولكنه يمتد إلى ما بعد التصديق وهو المعرفة وهي علة الخلق،

ويكون ابتداءً بالاستعداد للسماع من الحقيقة،
ومن ثم بالتجرد والإخلاص للحقيقة الموجدة لهذا الكون، حتى تسمع روح الإنسان من الحقيقة الحكيمة، ويثبت له الوجود والحكمة،
ومن ثم تبدأ رحلته إلى المعرفة، فيسمع من الله ومن رسله بالوحي في الرؤيا والكشف، بل حتى يصل الأمر إلى أن يسمع الإنسان حتى الجمادات، وهو طريق الأنبياء والأولياء، والمفروض أنه طريق كل ولد آدم، ولكنهم يعرضون عن ربهم وهو يناديهم، وينشغلون في الدنيا فيغفلون.
وربما كانت أفعالهم خبيثة كمعاداة أولياء الله حتى يغشى قلوبهم الرين فلا يسمعون ولا يعون، ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾[المطففين: 14].

[ الجمادات أو المواد عموماً هي مصدر الحياة البكتيرية والنباتية والحيوانية
وأيضاً كل مظاهر الحياة من نسخ ونمو وحركة ماهي إلا عمليات كيميائية اذا نظر لها في حدود هذا العالم المادي، وبالتالي فلا يوجد فرق حقيقي بين نبات وحيوان وبكتريا وجماد، وإنما الفرق فقط في تركيب هذه المواد بصورة جعلتها مؤهلة لعملية النسخ الذاتي وما نتج عنه خلال عملية التطور].

المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)

وبما أن هذا الطريق كما بيّنت يمتد إلى ما بعد التصديق، فلا بأس أن نتوسع قليلاً في مسألة المعرفة التي هي علة خلق الإنسان.

المعرفة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات: 56].