بينت ان رحلة جلجامش تتكلم عن الخلود الروحي والحياة الاخروية الخالدة وليس عن خلود جسد فانٍ يعلم السفهاء بفناءه فكيف بجلجامش الذي يوصف في الملحمة بانه حكيم وعارف بحقائق الأمور وبما ان الخلود والموت المذكور في القصة يراد منه خلود وموت الروح فيكون موت أنكيدو كذلك فلم يتمكن انكيدو من اتمام رحلة الخلود دون ان يسقط أو يتعثر في الطريق ويرتكب المحرمات ويخالف وصايا جلجامش له فتكون النتيجة انه سقط في براثن العالم الأسفل ويحاول جلجامش انقاذه من براثن العالم الأسفل واقامته من عثرته:
((هبط أنكيدوا إلى العالم السفلي،
إلا انه لم يلتزم بكلمات سيده-
ولبس ثيابا نظيفة،
فهجم أصحاب السلطة عليه كانهم أعداء،
ومسح جسمه بزيت الكأس العذب،
فتجمعوا من حوله من جراء رائحته،
ورمى عصا الرماية في العالم السفلي،
فأحدق به أولئك الذين أصيبوا بها،
وحمل عصا بيده،
فأضطربت أشباح الموتى من حوله
ولبس نعلا في قدميه،
واحدث صوتا في العالم السفلي،
وقبل الزوجة التي احبها،
وصفع الزوجة التي كرهها،
وقبل الإبن الذي احبه،
وصفع الإبن الذي كرهه،
فأمسكت به صيحة العالم السفلي بقوة-
…………
………….
إنه لم يسقط في المعركة مكان الرجولة
إن العالم السفلي هو الذي يمسك به بقوة)) السومريون – صموئيل نوح كريمر ص288
(( ان قصة موت انكيدو ودفنه هي على ارجح الاحتمالات من اصل بابلي غير سومري . فبموجب القصيدة المعنونة “جلجامش وانكيدو والعالم الاسفل” لم يمت انكيدو موتا بالمعنى المألوف للموت وانما احتجزه في العالم الاسفل (كور) ، وهو ذلك الشيطان الموكل بالعالم الاسفل والشبيه بالتنين ، لأنه ارتكب المحرمات الخاصة بالعالم الاسفل ، وهو عارف بها . ولقد اخترع مؤلفوا “ملحمة جلجامش” البابليون حادث موت “انكيدو” ليهيئوا الباعث القصصي الدراماتيكي على سعي جلجامش ونشدانه الخلود وهو مايؤلف الذروة الدرامتيكية في القصيدة ………….. ولكن مهما كان الحال فان الشعراء البابليين لم يكونوا باية حال من الاحوال مجرد مستنسخين ومقلدين تقليدا اعمى للمادة السومرية. بل الواقع انهم بدلوا وغيروا في مضمونها وكيفوا تركيبها وهيئتها الى درجة جسيمة لتلائم مزاجهم وتراثهم ، بحيث لم يبق مايميز منها الا النواة السومرية الاصلية)) من الواح سومر – صموئيل نوح كريمر – ص373 323

السيد أحمد الحسن
٢٣ ديسمبر ٢٠١٢ م