أريد هنا أن أبين وأناقش المسألة من ناحية بيولوجية جينية للإجابة على سؤال : هل أن جينات الذكر تدفعه باتجاه الارتباط بأكثر من أنثى ام لا؟.

الحقيقة أنه لا يمكن فهم الرجل والمرأة وبصورة صحيحة ودقيقة يمكن الاعتماد عليها في دراسات رصينة للمشاكل الاجتماعية والنفسية دون فهم نظرية التطور واستراتيجيات التطور في الحياة على هذه الأرض.
الذكر والانثى كأجساد عبارة عن مستعمرات جينية تستخدم كأداة لعبور وبقاء الجينات جيل بعد جيل من خلال المشاركة الجينية في الذرية ولا تتم هذه المشاركة عادة إلا بالاجتماع الجنسي والذي كان بدوره سببا لتكون العائلة والعلاقة العاطفية بين الذكر و الانثى هذه العلاقة التي نحتاج فهمها بصورة صحيحة ودقيقة حتى يمكننا فهم كثير من المشاكل الاجتماعية والعقد والمشاكل والأزمات النفسية تمهيدا لإيجاد حلول ناجحة وصحيحة لها إذن فنحن بحاجة ماسة للأخذ بنظر الاعتبار طبيعة سلوك الذكر تجاه الانثى وطبيعة سلوك الانثى تجاه الذكر.

كيف يفترض التطور ان يكون السلوك الجنسي للذكر الحيواني عادة؟
وكيف يفترض التطور ان يكون السلوك الجنسي للأنثى الحيوانية عادة؟

طبعا هناك دراسات كثيرة أقامها علماء التطور لمعرفة هذا السلوك
وخلاصة هذه الدراسات:
أن استراتيجية الذكر من الناحية التطورية هي انه يسعى لنشر جيناته بأوسع نطاق ممكن دون أي التفات الى ما ستعانيه الانثى للاهتمام بهذه الجينات أما استراتيجية الانثى من الناحية التطورية فهي البحث عن شريك مخلص فهي تريد نشر جيناتها بأوسع نطاق ممكن لكن تسعى لأن يكون معها شريك مخلص يهتم بالذرية التي تحمل جينات الذكر والانثى معا.
وسبب هاتين الحالتين المختلفتين أي ميل الذكر لممارسة الجنس مع اناث كثيرة لنشر جيناته بأوسع نطاق وميل الانثى للبحث عن ذكر مخلص لنشر جيناتها هو أن الذكر يقدم جينات مجردة بلا غذاء واهتمام (الحيمن يحمل جينات) بينما الانثى تقدم جينات محاطة بالغذاء والاهتمام (البيضة وهي جينات وغذاء إضافة الى الاهتمام بعد الفقس سواء كان هذا الاهتمام في عش طير او في رحم امرأة او جراب كنغر أو في الخارج).

لهذا في التاريخ التطوري هناك معركة محتدمة بين هاتين الاستراتيجيتين وما نراه في الواقع ما هو إلا نتاج هذه المعركة خلال التاريخ التطوري وبالطبع المعركة لاتزال مستمرة ومحتدمة فأكيد أجبرت استراتيجية الانثى المجموعة الجينية على إيجاد حلول لمشكلتها مع الذكر ولكن بقيت المجموعة الجينية الذكرية تدفع المستعمرات الجينية (أجساد الذكور) للبحث عن وسائل ملتوية للالتفاف على ما فعلته المجموعة الجينية الانثوية من اجبار له على أداء فروض الإخلاص للمستعمرات الجينية الانثوية (أجساد الاناث).
فالذكور يبنون الاعشاش والبيوت يزينونها يحضرون الطعام للأنثى يبدون فروض الطاعة والاحترام والانقياد حتى يجلبون انتباه الانثى وتقبل بالزواج والشراكة الجينية مع كنزها الثمين في الطبيعة (البويضة)

المقدمة أعلاه مختصرة جدا ربما يحتاج من يريد فهمها بدقة الاطلاع على نظرية التطور بصورة صحيحة ومن مصادرها.
أما إذا كنت لا تهتم بفهمها فخلاصة الكلام أعلاه أن الانثى الحيوانية (ومنها انثى الانسان) باعتبارها مستعمرة جينية تبحث في الغالب عن زوج مخلص لترتبط به أما الذكر الحيواني فهو يبحث عن شريكة تقبل أن يستغل ما تقدمه لجيناتها وجينات شريكها من كرم يبدأ من البويضة وربما لا ينتهي حتى يستقل النتاج الجديد (الذرية).

ماذا حصل بين الذكر والانثى البشريين خلال المسيرة التطورية في ضوء ما تقدم أعلاه؟

الذكر في الطبيعة حتى يكسب قبول الانثى يقدم لها مكان آمن للعيش لتجنب المفترسات وغذاء كعربون اخلاص ، اما في وقتنا الحالي فيمكن ان نرى كثير من التصرفات الأخرى التي تصب في نفس الغرض وهو محاولة الذكر ان يقدم نفسه للأنثى على انه مخلص وسيستمر معها لوحدها.

وفي نفس الوقت لاتزال هناك بقايا تدعوا الذكر لنشر جيناته وعدم الالتزام مع انثى واحدة فلم تتحول الجينات التي تدعوه لخيانة الشريكة الى جينات غير عاملة كما حصل لغيرها من الجينات في المسيرة التطورية.
فجواب سؤالنا إذن : نعم جينات الذكر تدفعه باتجاه الارتباط بأكثر من أنثى.

ملاحظة: الكلام اعلاه رد علمي من خلال الاحياء التطورية والجينات على اشكال الملحدين على اباحة تعدد الزوجات في الاسلام وكنت قد بينت سابقا المسألة من ناحية إجتماعية وكونها حل لمشكلة اجتماعية في زمن الرسول محمد ص.
أيضا مناقشتي لهذه المسالة لاتعني أني أشجع على تعدد الزوجات في الوقت الحالي وإنما هو بيان علمي ومنطقي لأحقية الاسلام وأحكامه.

المصدر: صفحة الفيسبوك الرسمية ٢٤ فبراير ۲۰۱۹ – السيد أحمد الحسن (ع)