في هذه الأدلة كفاية لمن طلب الحق، ومن أراد المزيد فالقرآن بين يديه يهتف في أسماع الغافلين:

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ۞ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ۞ قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ۞ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ ۞ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ ۞ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ ۞ قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ الأنبياء 105-112.

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿آل عمران:26﴾ هذه الآية واضحة الدلالة على أنّ الملك لله وهو سبحانه يستخلف من يريد، قال تعالى:
إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة ﴿البقرة:30﴾
فليس لأحد بعد هذه الآية أن يعيّن ملكاً أو ينتخب ملكاً أو حاكماً ما لم يعينه الله سبحانه وتعالى، وهذا الملك أو الحاكمية الإلهية يهبها الله لمن يشاء وليس ضرورياً أن يحكم بالفعل الملك المعين من الله فربما غُلب على أمره وأُبعد عن دفّة الحكم كما هو حاصل على طول الخط في مسيرة الإنسانية فلم يحكم إبراهيم (ع) بل حكم النمرود (لعنه الله) ولم يحكم موسى(ع) بل حكم فرعون (لعنه الله) ولم يحكم الحسين (ع) بل حكم يزيد (لعنه الله)، وهكذا

قال تعالى:
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً ﴿النساء:54﴾
فمع أنّ آل إبراهيم (ع) قد أوتوا الملك و الحاكمية الإلهية على طول الخط ولكنهم اُستضعفوا وقُهروا وأُبعدوا عن دفّة الحكم واستولى عليها الظلمة،
فواجب الناس هو تمكين خليفة الله في أرضه من دفّة القيادة فإن لم يفعلوا فحظهم ضيعوا وربهم أغضبوا.
قال الصادق (ع): (… أما ترى الله يقول: ﴿ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها﴾ النمل:60)
يقول ليس لكم أن تنصبوا إماماً من قبل أنفسكم تسمونه محقاً بهوى أنفسكم و إرادتكم.
ثم قال الصادق (ع): ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من أنبت شجرة لم ينبته الله، يعني من نصب إماماً لم ينصبه الله ،أو جحد من نصبه الله)تحف العقول:ص325.
قصة طالوت: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾البقرة:246.

وهذه جماعة مؤمنة صالحة من بني إسرائيل تؤمن بحاكمية الله سبحانه وتعالى فلم يعيِّنوا أحداً بل طلبوا من الله أن يعيّن لهم ملكاً، وهذا أعظم الأدلة على أنّ القانون الإلهي في جميع الأديان الإلهية يقرّ أنّ الحاكم يعيّنه الله لا الناس بالانتخابات.
أني جاعل في الأرض خليفة: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾البقرة:30.

يجب أن يكون خليفة الله هو الحاكم في الأرض، وأول خليفة هو آدم (ع) ولكل زمان خليفة لله في أرضه، وفي هذا الزمان خليفة الله هو المهدي (ع) فيجب أن يمكنه الناس من الحكم؛ لأنّه هو المعيّن من الله سبحانه وتعالى لا أن يعارض بالانتخابات والديمقراطية.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون﴾المائدة:44،
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾المائدة:45،
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾المائدة:47.

من البديهي أنّ الحاكم يواجه مشاكل مستجدة في كل زمان، ولابد له من تسديد وعلم خاص من الله يعلم به حكمه سبحانه وتعالى فيما أستجد من الأحداث فمن أين لغير خليفة الله أن يحكم بما أنزل الله، فالثابت أنّه لا يتسنّى لأحد أن يحكم بما أنزل الله إلاّ خليفة الله في أرضه.
أمّا ما ينقض حاكمية الناس والانتخابات فكثير جدّاً، وهذه حادثة واحدة لمن ألقى السمع وهو شهيد.

قصة موسى مع قومه:

﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ﴾الأعراف:155.

فهذا موسى (ع) نبي معصوم اختار سبعين رجلاً من خيرة بني إسرائيل كفروا بأجمعهم وتمرّدوا عليه وعلى أمر الله سبحانه وتعالى،
فإذا كان نبياً معصوماً وهو موسى (ع) يختار سبعين رجلاً لمهمة إلهية لا يخرج منهم واحد أهلاً لهذه المهمة،
فكيف بعامة الناس أن يختاروا حاكماً وملكاً، ولعلهم يختارون شر خلق الله وهم لا يعلمون.