الحقيقة ان اي مطلع على التوراة والانجيل والقرآن وعلى ماحوته الرقم الطينية السومرية سيحكم قطعا بأحد حكمين لامحالة ولامناص له عن أحدهما:
الحكم الأول: أن الدين اصله من تأليف الانسان السومري وما التوراة والانجيل والقرآن الا عملية اجترار للدين السومري (خلق الانسان الاول آدم ، قصة هابيل وقابيل ، قصة الطوفان ، الخطيئة ،الحياة بعد الموت، الجنة ، النار … الخ).
الحكم الثاني: أن الدين السومري هو نفسه دين آدم ودين نوح ع ولكنه نقل ثم دوِّن بصورة محرفة وتعبَّد به السومريون او الاكاديون (البابليون والاشوريون) بصورته المحرفة، وهذا ما أريد بيانه من خلال بيان ان القصص السومرية ماهي الا اخبارات غيبية جاء بها آدم الى الارض وهي قصص الصالحين من ابناءه ع وما سيمر بهم وخصوصا من يمثلون علامات مهمة في طريق الدين مثل دموزي (الابن الصالح)، او جلجامش.
الشبه الكبير جدا بين ما هو مدون في التوراة وبين الالواح السومرية انتبه له د.صموئيل كريمر ووصل به الامر ان يضع فصولا في كتبه يبين فيها الشبه بين الالواح الطينية السومرية والتوراة وكمثال:
((الفصل السابع عشر (الفردوس) أول أوجه مشابهة مع التوراة)) من الواح سومر ص 239 ،
((الزواج المقدس ونشيد الأنشاد لسليمان)) اينانا ودموزي طقوس الجنس المقدس عند السومريين – د.صموئيل كريمر،
والسومريون كانوا يعرفون ويعملون بأمور دقيقة في الدين الالهي مثل الاعتقاد بالرؤى وانها كلام الله والتوسم والاعتقاد بان الله ممكن ان يكلم الانسان في كل شيء يمر به
ويقول شارل – في اساطير بابل : ((عرفنا الان ان البشر خلقوا ليخدموا الالهة وان هؤلاء يعاقبونهم لاتفه الذنوب فعليهم ان يطيعوا رغبات السماء بكل دقة وان يلبوا نزواتهم. كيف يعلمون إذن كي يحافظوا على هذا الوفاق ويتجنبوا غضب الالهة ؟ واذا ما راوا احلاما – ان الآلهة يوحون ما يخطر لهم بواسطة الاحلام – فكيف يفسرونها بصورة ترضيهم ، هذا اذا كان هناك احلام فكيف اذا لم تكن ؟
الجواب: يعمدون الى الارهاصات والدلالات الطبيعية فهي ترشدهم الى الحقيقة ولذا يجب الانتباه الكلي ليس الى تغيرات القمر فحسب بل الى شكل الغيوم ، فكل حركة وكل تنقل من الزاحفة تحت العشب حتى الكواكب السابحة في ميدان النجوم تعطي اشارة لارادة الالهة سواء اكانت حسنة ام سيئة وهنا يظهر الفن او العلم عبقريته فيميز اذا كانت الارادة خيرة ام لا.
وعلى السحرة ان يتدخلوا اما ليعجلوا مجيء الحظ السعيد واما ليدفعوا القوى المعادية التي تهدد الحياة وليس المقصود حياة الافراد او عامة الشعب بل حياة الملك الذي يناط به مصير الامة باسرها.
وهذا الملك الذي أودعته الالهة العلم كان – كما مر- السابع من دولة ماقبل الطوفان. فهو يطابق حسب الترتيب الوراثي الى (أخنوخ) (ادريس) الذي يشغل المرتبة السابعة من سلسلة آدم – سلسلة الانبياء ما قبل الطوفان – ومن الملحوظ أنه لايوجد أي اشتراك بين الاسمين مع ان اعمالهما واحدة تماما. والحق يقال ، ان النص التوراتي المتعلق بسابع الانبياء (اخنوخ) موجز جدا قال : (وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه ). وقد اصبح اخنوخ بطل حلقة من الاساطير جعلته مخترع الكتابة ومؤلف اول كتاب وموجد علم الكواكب والسيارات : علم الفلك وكل الفلكيات. فهو يبدو وكأنه (فيدورانكي) ونستطيع ان نتقبل بارتياح بان اسطورة اليهود هذه ليست الا نقلا او توسعا للاسطورة الكلدانية التي هي اقدم.
وبين بقية الملوك والانبياء – اسلاف أخنوخ الستة وخلفائهم الثلاثة – صفات مشتركة ولايهمنا الا الشخصية العاشرة التي عايشت الطوفان )) اساطير بابل ص28
وقصص السومريين تتكلم بوضوح – كما في بقية الاديان الالهية – عن الحياة بعد الموت وان المحسنين والصالحين يذهبون الى الجنة والطالحين الى الجحيم ((لقد تأكد هؤلاء من انهم يعيشون بعد الموت – ولكن في ظلام دامس وليس لهم اي ثواب ، إلا إذا سلكوا السلوك الحسن في دار الدنيا ، أي بالتقوى كما حدث (لأوم نابيشتي) ( أي نوح ع ) أو بتطبيق القوانين بين الناس كما فعل حمورابي)) اساطير بابل ص38
السيد أحمد الحسن
٢٠ ديسمبر ٢٠١٢ م