بعد أن أثبتنا لاهوته المطلق، نقول: إنه لابد أنْ يتصف اللاهوت المطلق بالعلم المطلق، وإلا فلو جهل شيئاً لكان نوراً وظلمة – لأنّ سبب الجهل هو الظلمة أو النقص-، ولو كان كذلك انتفت ألوهيته المطلقة، كما أنه لو جهل لاحتاج إلى غيره وبطل لاهوته المطلق بحاجته وفقره.

ومن علمه ما أظهره في عوالم الخلق ليطلع عليه من خلقه من شاء أنْ يطلعه عليه، وهذا هو لوح المحو والإثبات، وفيه لكل حادث احتمالات يعتمد حدوث كل واحد منها على العبد وما يحيط به، فعندما يحين حينها يحدث أحدها،

ولولا المحو والإثبات لبطل الدعاء ولم يكن له معنى إلا العبث، فمن يقول بعدم وجود المحو والإثبات يقول إن الأمر فرغ منه أو كما وصفهم تعالى:

﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾[المائدة: 64].

المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)