وهو طريق يتحرّى إثبات وجود الله أو الحقيقة وإثبات الصفات، ولكنه لا يحقق المعرفة الحقيقية التي هي علة الخلق.

تعرّض القرآن لبعض الأدلة العقلية، كدليل النظام والحكمة التي يراها الإنسان في الكون، ودليل أن العدم غير منتج. وسنتعرض لبعض الأدلة العقلية لعلها تكون حجة على من يلتزمون العقل في الاستدلال كما يدّعون.

وهنا لابد من تشخيص وتحديد أمر مهم لابد أن يرافقنا في أي موضع نريد إقحام العقل فيه، وهو أن العقل ميزان وليس أوزان. فالعقل يقايس المعلومات التي تعطى له ويبين ما فيها، وثقله وخفته أو حتى عدمه وعدم قيمته. ولهذا ولكي تتحقق مهمة العقل بصورة صحيحة، لابد من وجود أوزان قياسية حقيقية ثابتة يقينية، لكي تكون المرجع في الموازنة. وإلا فسيكون ما يوضع في إحدى كفتي الميزان أو العقل مجرد وهم لا يمت للحقيقة بصلة، فتكون النتيجة الخلوص إلى نتائج خاطئة. وللأسف هذا أمر واقع ومنتشر بشكل واسع سواء على مستوى العقيدة أم التشريع.

وبما أن الكلام هنا في إثبات وجود الحقيقة الموجدة للعالم أو المُستَخلِف (الله)، فلا يمكن أن تكون أوزاننا في ميزان العقل شرعية دينية، لأننا هنا في صدد إثبات الأصل الذي يرجع إليه الدين. إذن، لابد أن تكون أوزاننا من الثوابت والبديهيات التي لا تحتاج إلى نظر، مثل: استحالة أن يكون الشيء معدوماً وموجوداً معاً، واستحالة أن تتسلسل الموجودات المتناهية العدد في سلسة لا متناهية من كل حيثية وجهة، واستحالة أن يكون العدم منتجاً، وأمثال هذه الثوابت.

المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)

[ولابد من لفت الانتباه أننا هنا مجاراة للاستخدام اللفظي نسمي ظل العقل عند الإنسان بالعقل، باعتبار أنه صورته ويصح أن نسميه به، وإلا فالعقل الحقيقي هو ما في السماء السابعة الكلية].
[أما سوق الآيات القرآنية هنا فليس باعتبار أنها حجة بذاتها بل باعتبار أنها تطرح دليلاً عقلياً فليس للمخالف رد الدليل المطروح باعتبار أنه من القرآن وهو لا يؤمن بالله ولا بالقرآن، فنحن لا نلزمه بالدليل لأنه قرآني بل لأنه عقلي فإذا كان لا يلتزم بهذا الدليل العقلي فعليه أن يرده بدليل نقض عقلي].

المصدر: كتاب عقائد الإٍسلام (الهامش) – السيد أحمد الحسن (ع)