يمكن إثبات التنصيب للمكلفين بالنص، ونحن لما وجدنا ما وصلنا من تنصيب الله لخلفائه في أرضه دائماً بالنص؛ ثبت أنّ القانون الإلهي الثابت والسنة الإلهية في تنصيب خلفاء الله في أرضه هو النص من الله، أو من خليفة سابق مباشر أو غير مباشر، وسنة الله لا تتبدل ولا تتحول. قال تعالى: ﴿سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾[الإسراء: 77]، ﴿اسْتِكْبَاراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾[فاطر: 43]، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الأحزاب: 62]، ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً﴾[الفتح: 23]
[السنّة: هي صب الشيء في قالب ثابت، وهي تستخدم كرديف لكلمة قانون + كلمة ثابت، أي أن كلمة سنة = قانون ثابت، فسنة الله أي قانونه الثابت].
والأمر ابتدأ بالنص من الله سبحانه وتعالى مباشرة على الحجة الأول آدم (عليه السلام) لكونه أول الحجج، ثم تحوّل الأمر إلى النص من الحجة السابق على الحجة اللاحق، سواء كان مباشراً أم غير مباشر لوجود الحجة الذي بنصه ووصيته على من يأتي بعده دليل واضح على تشخيصه، والأمر الأول وهو نص الله على الحجة باقٍ ولم يرفع، بل بقي كدليل تشخيص لخليفة الله مع النص من الخليفة السابق.
ولابد أن يكون النص من الله موافق للنص من الخليفة السابق، فمن يدّعي النص من الله (أو شهادة الله) بخلاف أو بدون النص من الخليفة السابق فهو كاذب. والنص من الخليفة السابق أكثر وضوحاً وظهوراً للناس من شهادة الله في الملكوت؛ لأنهم غافلون عن ملكوت الله ومنغمسون في المادة وأنسهم بها، فيطلبون نصاً يأتيهم من نفس عالمهم، وليس من عالم الملكوت الذي يجهلونه وهم عنه غافلون.
والنص المباشر من الله سبحانه وتعالى يكون بالوحي، كما أوحى الله للملائكة خلافة آدم (عليه السلام). وطريق الوحي المبذول لكل الناس والذي يمكن أن يسمعه كل الناس هو الرؤيا، أما النص من الخليفة السابق فيكون بالوصية، سواء كان مباشراً أم غير مباشر للمنصوص عليه. ونحن سنتعرض للطرق الثلاثة للنص ونفصل عند الحاجة للتفصيل.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)