الرجعة عالم امتحان آخر، كما أنّ عالم الأجسام الذي نعيش فيه الآن أيضاً عالم امتحان لا زلنا فيه ونمتحن فيه.

فالرجعة عالم يعيد الله فيه بعض الخلق مرة أخرى ويمتحنهم، ويكونون في عالم الرجعة غافلين عن العوالم التي سبق وأنْ امتحنهم الله بها؛ لأنهم يحجبون بذلك العالم عمّا سواه، كما أنّ الناس في هذا العالم الجسماني حجبوا بالأجسام وأنساهم الله امتحانهم السابق في عالم الذر.
﴿نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾[الواقعة: 60 – 62].
﴿وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذكَّرُونَ﴾: أي نخلقكم في عالم آخر لا تعلمونه، فأنتم قد عشتم في النشأة الأولى في عالم الذر وعلمتموه ونسيتموه ولا تتذكرون حالكم فيه الآن بعد أنْ خلقناكم في النشأة الثانية أو العالم المادي الجسماني الذي أنتم فيه.
والذين يخلقون في الرجعة هم بعض الخلق وليس جميعهم، وهم من وصلوا لدرجات عليا في الإيمان، ومن انحدروا في وادٍ سحيق من الكفر والجحود بالله وبأوليائه المعرفين به في هذه الدنيا.
 
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)