أمّا القرآن فهو من البداية إلى النهاية يقرّ حاكمية الله ويرفض حاكمية الناس، ولا يهمنا الفهم السقيم لمن يريد أن يحرف كلمات الله بحسب هواه وليدافع عن فلان وفلان، أو عن الاعتقاد الفلاني مع فساد من يدافع عنهم وبطلان ما يعتقد، مع أنّ هذا الفساد بين لا يحتاج إلى كثير من العناء لمعرفته.
المصدر: كتاب حاكمية الله لا حاكمية الناس
◄ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً
[من نوعنا النفسي، أما نوعنا الجسماني “الهومو سابينس” فآدم ليس الفرد الأول فيه]
قد نصبه الله خليفته في أرضه، وأمر الملائكة بطاعته والتعلم منه
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾[البقرة: 30 – 34].
فالآيات واضحة؛ إن الله منذ البداية ومنذ اليوم الأول نصب آدم خليفته في أرضه ثم بلغ الملائكة ليطيعوه، فلما اعترضوا وجادلوا بيَّن الله لهم جهلهم لما سألهم، ومن ثم بيَّن لهم علم آدم (عليه السلام) الذي أودعه فيه فعرفوا أحقية آدم وخضعوا للحق. ثم أمرهم الله بالسجود فسجدوا واتخذوا آدم (عليه السلام) إماماً ومعلماً وقبلة إلى الله يعرفهم بالله. وقد ورد في تفسير الآية:
«…. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ قُلْتُ لأَبِي الْحَسَنِ الأَوَّلِ (عليه السلام) : ألَا تَدُلُّنِي إِلَى مَنْ آخُذُ عَنْه دِينِي،
فَقَالَ: هَذَا ابْنِي عَلِيٌّ إِنَّ أَبِي أَخَذَ بِيَدِي فَأَدْخَلَنِي إِلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّه (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ قَالَ : “إِنِّي جاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً” وإِنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ إِذَا قَالَ قَوْلاً وَفَى بِه»[الكافي – الكليني: ج1 ص312].
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ
قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 258].
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ
قال تعالى: ﴿يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾ [صـ: 26].
وقال تعالى: ﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة 251].
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ
والآية واضحة؛ إن لكل قوم هاد فيما مضى قبل الرسول محمد وفيما بقى. وقد فسرها الرسول (صلى الله عليه وآله) في أحاديث نقلها السنة في كتبهم بشخص معين من بني هاشم، وفي رواية بأحد مصاديقها وهو علي (عليه السلام) :
أخرج ابن جرير الطبري في جامع البيان (13 / 142) بسنده عن ابن عباس، قال: «لما نزلت “إنما أنت منذر ولكل قوم هاد” وضع (ص) يده على صدره، فقال: أنا المنذر ولكل قوم هاد، وأومأ بيده إلى منكب علي، فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي»
[قال ابن حجر في فتح الباري: ج8 ص285 عن هذا الحديث إنه بإسناد حسن].
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره (7 / 2225 برقم 12152) بسنده عن علي (عليه السلام)، لكل قوم هاد قال: «الهاد رجل من بني هاشم». قال ابن أبي حاتم: قال ابن الجنيد: هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه
[قد صرَّح ابن أبي حاتم في مقدمة تفسيره: ج1 ص14 بأنه أودع فيه أصح الروايات، وإليكم نص كلامه: “… سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القران مختصراً بأصح الأسانيد……. فأجبتهم إلى ملتمسهم، وبالله التوفيق، وإياه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله. فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسناداً، وأشبهها متنا، فإذا وجدت التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – لم اذكر معه أحداً من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك، وإذا وجدته عن الصحابة فان كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة بأصح الأسانيد، وسميت موافقيهم بحذف الإسناد. وان كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم وذكرت لكل واحد منهم إسنادا، وسميت موافقيهم بحذف الإسناد، فإن لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة، وكذا اجعل المثال في أتباع التابعين وأتباعهم…” انتهى.
وهذه شهادة منه بصحة كل الروايات والأخبار التي جمعها في تفسيره هذا، وهذا كافٍ في توثيق هذه الرواية.
وأخرجه الطبراني في المعجم الأوسط: ج2 ص94، ج5 ص153 – 154.
وورد في مسند أحمد بن حنبل: ج1 ص126، وصححه أحمد محمد شاكر في تعليقه على مسند أحمد: ج2 ص48 – 49 برقم 1041 إذ قال: “إسناده صحيح. المطلب بن زياد بن أبي زهير الثقفي الكوفي، ثقة، وثقه أحمد وابن معين وغيرهما، وترجمه البخاري في الكبير4/2/8 فلم يذكر فيه جرحاً… وهذا الحديث من زيادات عبد الله بن احمد”.
وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد: ج7 ص41 وقال: “رواه عبد الله بن أحمد والطبراني في الصغير والأوسط ورجال المسند ثقات”].
وأخرج الحاكم النيسابوري في مستدركه (3 / 130) بسنده عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، “إنما أنت منذر ولكل قوم هاد” قال علي: «رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنذر وأنا الهادي». قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
◄قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ
فالله كتب على نفسه الرحمة، واستخلاف خليفة يقيم حدود الله من الرحمة. وهذا الاستدلال القرآني أيضاً قد بيّناه عقلاً فيما تقدم.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)