الإمام مُنتظِر وليس مُنتظَر: هذه هي الحقيقة التي يقرّها جميع من يؤمن بما روي عن محمد وآل محمد (عليهم السلام) بصورة أو بأخرى، على الأقل هم يقرّونها عندما يقولون إنّ الإمام ينتظر تهيؤ (313) رجلاً ليقوم، وإن لم يفقهوا هذا القول سابقاً وقبل هذا البيان، بل يقرّها كل من يقول إنّ هناك مختارين لنصرة المنقذ كما في الإنجيل.
وبالتالي فالسؤال القديم الجديد ومحاولة تبرير الاستمرار على المنهج المنحرف بالقول “فما بال القرون الأولى”، أو “ما حال من سبقونا، وكيف كان عليهم أن يعملوا في الدين”، مبني على مغالطة وهي أنهم يفترضون عدم تقصير القرون الأولى، وبالتالي فما كانوا عليه هو الحق كله والحقيقة المطلقة، وهذا غير صحيح كما تبيّن، وقد بيّنته مسألة ذُكرت في الروايات وهي أنّ الفرج متعلق من جهة بتهيؤ (313) رجلاً، أي أنّ هذه الروايات بيّنت أنّ الفترة التي تسبق القيام لا يوجد فيها (313) رجلاً مهيأين لاستقبال المهدي، أي لا يوجد قابل لخليفة الله في أرضه وللرسالة الإصلاحية التي يحملها. ولهذا حصلت الغيبة الكبرى ونزع الحجة من بين أظهرهم لتقصيرهم كما في الرواية [عن أبي جعفر (عليه السلام):«إنّ الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم»]، وتأخر مجيء المهدي الأول إلى هذا العالم الجسماني إلى حين تهيؤ القابل.
وهذه رواية تبيّن بوضوح أنّ زمن الغيبة (ورفع الإمام المهدي عليه السلام) ما هو إلا زمن فترة كالفترة التي سبقت بعث رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، وكان عيسى (عليه السلام) فيها مرفوعاً أيضاً. بل وتبيّن بوضوح أنّ المهدي الذي يملأها عدلاً هو المهدي الأول الذي يبعث على فترة من الأئمة؛ وذلك لأن الإمام المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام) لم يبعث على فترة من الأئمة، بل كان بعثه وإرساله وإعلان رسالته مباشرة بعد شهادة والده الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) :
النعماني: «…. عن شعيب بن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا. فقلت: فولدك؟ فقال: لا. فقلت: فولد ولدك؟ فقال: لا. قلت: فولد ولد ولدك؟ قال: لا. قلت: فمن هو؟ قال: الذي يملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا لعلى فترة من الأئمة يأتي كما أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث على فترة من الرسل»[الغيبة – النعماني: ص192 – 193].
أما بالنسبة لمن يقولون بأنّ المهدي هو فقط الذي يولد في آخر الزمان، ولا يقولون بالإمام المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام) وبالغيبة، فيطَّرد معهم السبب السابق أيضاً، وهو أنّ تأخير ولادته إلى آخر الزمان إنما سببه عدم وجود القابل في الزمان السابق، وإلا فلو كان هناك قابل لخلقه الله في هذا العالم الجسماني قبل ذلك وبعثه لينشر العدل والقسط وإعادة سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضّة طرية كما بشر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل حتى لو اقتصروا مهمة المهدي – رغم أنه خليفة الله عند السنة – على إقامة الخلافة الراشدة سيطرد معهم السبب السابق؛ حيث إنّ الخلافة الراشدة عندهم انتهت بخلافة علي (عليه السلام) أو الحسن (عليه السلام) قبل أكثر من ألف عام، فلِمَ كل هذا التأخير بظهور خليفة الله المهدي إنْ لم يكن الأمر متعلقاً بالقابل كما بيّنته.
ممّا تقدّم:
يتبيّن بوضوح أنّ الزمن الذي يكون بين رفع الإمام المهدي محمد بن الحسن (عليه السلام) وبعث المهدي الأول أو اليماني هو زمن فترة كالزمن الذي كان بين رفع عيسى (عليه السلام) وبعث الرسول محمد (صلى الله عليه وآله)
[حسب حال الفترة يكون الرسول، أي قبل الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) كان الرسول المهيأ هو رسول من الله، أما في غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) فالرسول المهيأ هو من الإمام المهدي (عليه السلام)].
وعلة الفترة كما بيّنت عدم وجود القابل، ولشدة رحمة الله بالناس فقد تركهم مرجون لأمره لتشملهم رحمته.
أيضاً: تبيّن بوضوح وجلاء علة الغيبة بل وعلة تأخّر ولادة المهدي الأول وخلقه في هذا العالم الجسماني.
وأيضاً: فيه جواب على شبهة أنّ غياب الحجة أو رفعه مع حاجة الناس إليه مخالف للعدل والحكمة الإلهية كما يدّعي الوهابيون أو من يسمون أنفسهم السلفية.
وأيضاً: فيه بيان لمعنى ما ورد في أنّ كل راية قبل القائم هي راية طاغوت، ذلك لأنها رايات في زمن الفترة التي تسبق الظهور، وبالتالي فهي رايات تحمل بعض الباطل وإن خلطته ببعض الحق.
إذن، فالإمام المهدي في الحقيقة مُغيَّب مرفوض لعدم وجود القابل، عن أبى جعفر (عليه السلام) :
«إنّ الله إذا كره لنا جوار قوم نزعنا من بين أظهرهم»[علل الشرائع – الصدوق: ج1 ص244 باب 179 علة الغيبة].
فلا أحد يستطيع إنكار عدم وجود القابل في زمن الغيبة أو الزمن الذي يسبق القيام وإقامة العدل في الأرض؛ لأنّ القابل كحد أدنى كما هو واضح في الروايات هم (313). إذن، فالقابل غير موجود طيلة فترة الغيبة، والإمام مُغيّب وليس غائباً.
[هؤلاء القابل هم قوم يقبلون رسالة المهدي، وهي التصحيح الديني العقائدي والشرعي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يحمله المهدي والذي يخالف ما بين أيديهم. وهذا ليس بالأمر الهيّن أو اليسير، فهو في زمن الظهور مثلاً يعني مخالفة الموروث الديني الفاسد ومخالفة كل المرجعيات الدينية القائمة عند ظهور المهدي. إنهم قوم يقبلون الخروج من مكان منتن مليء بريح نجسة اعتادوا استنشاقها ككل الناس حولهم، إلى الهواء الطلق ليستنشقوا الريح الطيبة، ويتبينوا ويميزوا مدى قذارة وعفونة ونجاسة الهواء الذي كانوا يستنشقونه. إنه أمر سهل وصعب جداً في نفس الوقت؛ فسهل جداً أن يسير الإنسان خطوات ليستنشق الهواء النقي، وصعب جداً أن يعترف أو يحتمل أنه يعيش في مكان منتن وعفن ومليء بالريح النجسة – دون أن يميز- ليتخذ الخطوة الأولى].
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ إنّ هناك مختارين لنصرة المنقذ كما في الإنجيل
“15 فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكان المقدس. 16 فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال. 17 والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئا. 18 والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه. 19 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام. 20 وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت. 21 لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآن ولن يكون. 22 ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام. 23 حينئذ إن قال لكم أحد هو ذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا. 24 لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا…” إنجيل متى الأصحاح24.
“فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة حيث لا ينبغي. فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال. 15 والذي على السطح فلا ينزل إلى البيت ولا يدخل ليأخذ من بيته شيئا. 16 والذي في الحقل فلا يرجع إلى الوراء ليأخذ ثوبه. 17 وويل للحبالى والمرضعات في تلك الأيام. 18 وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء. 19 لأنه يكون في تلك الأيام ضيق لم يكن مثله منذ ابتداء الخليقة التي خلقها الله إلى الآن ولن يكون. 20 ولو لم يقصر الرب تلك الأيام لم يخلص جسد. ولكن لأجل المختارين الذين اختارهم قصر الأيام. 21 حينئذ إن قال لكم أحد هو ذا المسيح هنا أو هو ذا هناك فلا تصدقوا. 22 لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات وعجائب لكي يضلوا لو أمكن المختارين أيضا….” إنجيل مرقس الأصحاح13.
◄ منهج وجوب تقليد غير المعصوم مجرد أوهام
الحقيقة، إن حال مروّجي وجوب تقليد غير المعصوم اليوم مزري ويرثى له، فبعد أن سقط علمياً منهج وجوب تقليد غير المعصوم – الذي يروّجون له وفرضوه على الناس- وتبين أنه مجرد أوهام لا دليل عليها إلا أهوائهم، أخذوا يتشبثون بالشبهات ومنها هذه الشبهة [أي شبهة “فما بال القرون الأولى”]. فهم والله مبتدعون ومتبعون لبدعة، وإذا كانوا يجهلون هذا فيما مضى فاليوم قد علموا أنها بدعة بفضل دعوة الحق المهدوية.
هم يعدّون وجوب تقليد غير المعصوم من العقائد كما ذكر الشيخ محمد رضا المظفر في كتاب “عقائد الإمامية” الذي هو الآن كتاب منهجي في الحوزات العلمية. ثم انهم يقولون إنّ العقيدة تحتاج إلى دليل قطعي، أي لا تكفي رواية واحدة صحيحة السند (بحسب منهجهم) ولا آية غير محكمة وغير واضحة الدلالة، بل حتى لو أنكروا عدّهم لبدعة وجوب تقليد غير المعصوم بأنها من العقائد فهي ستكون عندهم أصلاً شرعياً لا يجوز التقليد فيه كأصل وجوب الصلاة ووجوب الصيام وبالتالي لابد من إقامة الدليل القطعي عليه ولا يكفي الظن والوهم لإثباته.
ومع هذا يأتون بيد فارغة فلا آية محكمة واضحة الدلالة ولا حتى رواية واحدة مسندة صحيحة السند ومحكمة المعنى، مع أنهم يحتاجون لروايات تفيد التواتر أو القطع بحسب منهجهم. هم يأتون بمجرد أوهام، ولو تنزلنا معهم لقلنا ظنون لا أكثر، فأين القطع، ومن أين استفادوا القطع على هذه العقيدة حتى أخذوا يقولون للمساكين من عامة الناس: عمل العامي بلا تقليد باطل وتبطل أعماله وصلاته وصيامه إذا لم يقلدهم … الخ. هذا مع أنّ المروي معارض لأوهامهم قال الصادق (عليه السلام) : “إياكم والتقليد فإنه من قلد في دينه هلك، إن الله تعالى يقول: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ. فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا ولكنهم أحلوا لهم حراماً وحرموا عليهم حلالاً، فقلدوهم في ذلك فعبدوهم وهم لا يشعرون” تصحيح الاعتقاد – المفيد: ص73.
أما الدليل العقلي الذي يدّعون وهو وجوب رجوع الجاهل إلى العالم، فهو صحيح ولكن لا ينطبق على الفقهاء غير المعصومين. فالكلام هنا في “العالم” ومن هو، وهل ينطبق على الفقهاء أو المراجع كما يسمونهم، والذين هم مجرد ظانين ويقدمون ظنوناً ؟ والمراجع أنفسهم يقولون إنهم يقدمون ظناً وليس علماً، مجرد ظن، حكم ظني وصاحبه ظان، فهل يجب رجوع الجاهل إلى الظان ؟! هل هو واجب عقلاً ؟
إنّ العالم الذي ينطبق عليه “وجوب رجوع الجاهل إلى العالم” هو الحجة فقط، الحجة الذي يفتي بعلم ويقين وليس بظن مثلهم.
والمصيبة أنهم يحاولون خداع المساكين من عامة الناس بسوق مثال رجوع المريض إلى الطبيب، متغافلين عن أنّ المريض هنا يرجع لظانّ وليس لعالم، فالطبيب لا يدعي أنه عالم – أي متيقن مئة بالمئة – وليس لديه قطع بما يقوم به، فهو لا يعطي نسبة نجاح مئة بالمئة لما يقوم به وينصح به. وبالتالي لا تنطبق عليه قاعدة “وجوب رجوع الجاهل إلى العالم”. إذن، فعليكم أن تقولوا: إن قاعدتكم العقلية المطبقة في الواقع هي وجوب رجوع الجاهل إلى الظان، وهذا محض وهم، فمن أين تحصّلتم على وجوب الرجوع إلى الظان، وظنونه في دين الله سبحانه وتعالى ؟!
هذا مع تنزّلنا معهم وقبول قولهم بأنهم ظانّون، وإلا فلو أردت مناقشة ما في أيديهم لتبيّن أنهم مجرد واهمين لا غير في كثير من فتاواهم كفتاوى التلقيح الصناعي، وأطفال الأنابيب، وأوقات الصلاة في القطب والمناطق القريبة منه… الخ.
أما محاولات بعض الجهلة الخلط بين قولهم بوجوب تقليد غير المعصوم وبين قول آخر وهو جواز تقليد غير المعصوم أو أخذ الحكم الشرعي من غير المعصوم، ومحاولتهم تسويق الأخير على أنه نفسه قولهم بوجوب تقليد غير المعصوم، فهي مجرد مغالطة يحاولون تعليل أنفسهم بها بعض الوقت، وهي مجرد محاولة هروب لن تزيدهم إلا خسارا وفضيحة،
وهناك رد كافٍ على مسألة جواز تقليد غير المعصوم، ولكن لن نرد لأنهم لا يقولون بهذا الآن، بل يقولون بالوجوب، وعموماً متى ما تنزّلوا إلى القول بجواز تقليد غير المعصوم، عندها سنناقشهم في قولهم الجديد إن صرحوا به كما يصرحون بقولهم الأول الباطل المبتدع في كتبهم الفقهية والعقائدية.
أيضاً: من المؤسف أنّ هناك من لا يميزون بين الكلام في بدعة وجوب تقليد غير المعصوم، وبين الكلام في جواز أو عدم جواز الإفتاء لغير المعصوم، ولا يميزون بين إفتاء غير المعصوم استناداً إلى قول المعصوم أو استناداً إلى الإجماع أو العقل ومع هذا يدعي الفقه ويدعو الآخرين لتقليده.
◄ تهيؤ العدة (313) استقبال المهدي (ع)
« 2- …. عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: قلت لمحمد بن علي بن موسى (عليهم السلام) : إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، فقال (عليه السلام) : يا أبا القاسم: ما منا إلا وهو قائم بأمر الله عز وجل، وهاد إلى دين الله، ولكن القائم الذي يطهر الله عز وجل به الأرض من أهل الكفر والجحود، ويملأها عدلا وقسطا هو الذي تخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سمي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنيه، وهو الذي تطوي له الأرض، ويذل له كل صعب [و] يجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: “أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شئ قدير” فإذا اجتمعت له هذه العدة من أهل الاخلاص أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو عشرة آلاف رجل خرج بإذن الله عز وجل، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عز وجل»[كمال الدين وتمام النعمة – الصدوق: ص377].
« 20- …. عن أبي بصير قال: سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبد الله (عليه السلام) : كم يخرج مع القائم (عليه السلام)؟ فإنهم يقولون: إنه يخرج معه مثل عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، قال: وما يخرج إلا في أولي قوة، وما تكون أولوا القوة أقل من عشرة آلاف» [كمال الدين وتمام النعمة – الصدوق: ص654].
« 4- …. عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه دخل عليه بعض أصحابه، فقال له:” جعلت فداك، إني والله أحبك وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم. فقال له: أذكرهم. فقال: كثير. فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا معلنا، ولا يخاصم بنا قاليا، ولا يجالس لنا عائبا، ولا يحدث لنا ثالبا، ولا يحب لنا مبغضا، ولا يبغض لنا محبا.
فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال: فيهم التمييز، وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم، وسيف يقتلهم، واختلاف يبددهم. إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعا.
فقلت: جعلت فداك، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخفيض عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا تختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان”» [الغيبة – النعماني: ص211].
« 12- …. عن سليمان بن هارون البجلي، قال: قال:” سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) : يقول: إن صاحب هذا الأمر محفوظة له أصحابه لو ذهب الناس جميعا أتى الله له بأصحابه، وهم الذين قال الله عز وجل: (فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين)، وهم الذين قال الله فيهم: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين)» [الغيبة – النعماني: ص330].
« 157- …. عن أبي جعفر، قال: ثم يظهر المهدي بمكة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقميصه وسيفه وعلامات ونور وبيان، فإذا صلى العشاء نادى بأعلى صوته يقول: أذكركم ا لله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم، فقد اتخذ الحجة، وبعث الأنبياء، وأنزل الكتاب، يأمركم أن لا تشركوا به شيئا، وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن تحيوا ما أحيى القرآن، وتميتوا ما أمات، وتكونوا أعوانا على الهدى ووزرا على التقوى، فإن الدنيا قد دنا فناؤها وزوالها، وأذنت بالوداع، وإني أدعوكم إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، والعمل بكتابه، وإماتة الباطل، وإحياء سنته، فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر على غير ميعاد قزعا كقزع الخريف، رهبان بالليل، أسد بالنهار، فيفتح الله (للمهدي) أرض الحجاز، ويستخرج من كان في السجن من بني هاشم، وتنزل الرايات السود الكوفة، فيبعث بالبيعة إلى المهدي، ويبعث المهدي جنوده إلى الآفاق، ويميت الجور وأهله، وتستقيم له البلدان، ويفتح الله على يديه» [الملاحم والفتن – ابن طاووس: ص137].
◄ روايات عند السنة تثبت أن المهدي (ع) خليفة الله
سنن ابن ماجة: حدثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف، قالا: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقتتل عند كنزكم ثلاثة. كلهم ابن خليفة. ثم لا يصير إلى واحد منهم. ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق. فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم”. ثم ذكر شيئاً لا أحفظه. فقال “فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج. فإنه خليفة الله، المهدي”.
المستدرك على الصحيحين، للحاكم: أخبرنا الحسين بن يعقوب بن يوسف العدل ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأ خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان رضي الله عنه قال: “إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فاتوها ولو حبوا فإن فيها خليفة الله المهدي”. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وفي مسند أحمد بن حنبل: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن شريك عن علي بن زيد عن أبي قلابة عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي”.
وفي القول المسدد لابن حجر: عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي”.
◄ روايات في أن كل راية قبل القائم هي راية طاغوت
عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: “كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون الله عز وجل” الكافي – الكليني: ج8 ص295؛ وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي: ج15 ص52.
وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال: “كل راية ترفع قبل راية القائم (عليه السلام) صاحبها طاغوت” الغيبة – النعماني: ص115؛ مستدرك الوسائل – الميرزا النوري: ج11 ص34.
وعن مالك بن أعين الجهني، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: “كل راية ترفع قبل قيام القائم (عليه السلام) صاحبها طاغوت” الغيبة – النعماني: ص115.
وعن مالك بن أعين الجهني، قال: سمعت أبا جعفر الباقر (عليه السلام) يقول: «كل راية ترفع – أو قال: تخرج – قبل قيام القائم (عليه السلام) صاحبها طاغوت” الغيبة – النعماني: ص115.
وعن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: “والله لا يخرج واحد منا قبل خروج القائم صلوات الله وسلامه عليه إلا كان مثله مثل فرخ طار من وكره قبل أن يستوى جناحاه فأخذه الصبيان فعبثوا به” الكافي – الكليني: ج8 ص264 ح382؛ وسائل الشيعة (آل البيت) – الحر العاملي: ج15 ص51.
وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: “مثل خروج القائم منا كخروج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم (عليه السلام) مثل فرخ طار ووقع من وكره فتلاعب به الصبيان” الغيبة – النعماني: ص206؛ شرح الأخبار – القاضي المغربي: ج3 ص56؛ مستدرك الوسائل – الميرزا النوري: ج11 ص37.