والتَفِتْ إلى أنّ عيسى نبي مرسل وقد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يُعفى ويُصرف عنه الصلب والعذاب والقتل، والله سبحانه وتعالى لا يرد دعاء نبي مرسل، فالله استجاب له ورفعه وأُنزل الوصي الذي صُلب وقُتل بدلاً عنه، وفي الإنجيل عدة نصوص فيها دعاء عيسى بأن يُصرف عنه الصلب والقتل.
وهي: «… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس …» [متى: 26].
«…ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …» [مرقس: 14].
«… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس …» [لوقا: 22].
المصدر: كتاب المتشابهات ج4 س179 – السيد أحمد الحسن (ع)
ليلتفت المسيحيون إلى مسألة أنّ عيسى تعرض للصلب باطلة، وقد بينت بطلانها من الإنجيل وأقوال عيسى ع فيه وطلبه من الله أن يجز عنه الصلب وعذابه ، فإما أن الله قد استجاب دعاء عيسى ع ورفعه ونزل شبيه له وهذا هو الصحيح، وإما أنّ الله لم يستجب دعاء عيسى ع، ومعنى قولهم هذا أنّ الله لا يعبا بدعاء عيسى ع، وأيضاً يتهمون عيسى ع بالسفه وضعف الإدراك وقلة المعرفة وإلا فما معنى أن يطلب عيسى أن يجز الله عنه الصلب إذا كان قادراً أن يصبر على عذاب الصلب دون أن يشتكي، وهو يعلم أنّ مسألة الصلب مهمة في مسيرة الدين الإلهي .
المصدر: كتاب الحواري الثالث عشر – السيد أحمد الحسن (ع)
ولقد بينت مسألة المصلوب والشبيه في المتشابهات الجزء الرابع ولكن لا بأس أن أبينها هنا بصورة أخرى.
إذن، بحسب القرآن فإنّ عيسى ع لم يقتل ولم يصلب، بل هناك شخص شبه به وصلب مكانه.
وأيضاً الآية أعلاه تجيب بجواب واضح على سؤال مهم، هو:
هل هناك من لديه علم بسر قضية الصلب وما جرى فيها ؟
حيث إنّ جواب هذا السؤال يجعل تخرصات الناس – وخصوصاً من يدعون الإسلام – بلا قيمة، فالجواب من القرآن: ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾ [النساء:157].
إذن، هي قضية محصور علمها بالله سبحانه ومن اتصلوا بالله وهم حججه على خلقه باعتبار أنه يعرّفهم ويعلّمهم بالحقائق المخفية والغيب إذا شاء سبحانه، كما بين تعالى في القرآن، قال تعالى: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً * لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً﴾ [الجن:26–28]. والآية واضحة أنّ الغيب الذي يعلمه الله يعلم بعضه لرسله، وجميع خلفاء الله في أرضه هم رسل الله سبحانه إلى خلقه سواء الأنبياء والمرسلون قبل محمد ص أو محمد ص والأئمة من بعده ، فكلهم إذن مشمولون بأنّ الله يطلعهم على ما يشاء من الغيب.
وقال تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ [البقرة:255]. وما بين أيديهم ليس ما يقبضون عليه بأيديهم ولا ما خلفهم هو الواقع خلف ظهورهم وإلا لما أمتاز بعلمه سبحانه، بل المراد بين أيديهم أي المستقبل، وما خلفهم أي أحداث الماضي، فالمراد بقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ أي يعلم علم الغيب الذي لا يعرفه الناس من أحداث المستقبل والماضي، وبتكملة الآية يتضح المراد أكثر بقوله: ﴿وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ﴾ أي من علم الغيب الذي بين أيديهم وخلفهم، ثم بيّن تعالى أنه يُعلِّم بعض علم الغيب من يُريد من خلقه بما يُريد سبحانه ﴿إِلاَّ بِمَا شَاء﴾.
النتيجة مما تقدم:
القرآن يقرر أنّ الذي قتل وصلب ليس عيسى ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾.
إنّ تحديد الشخص المصلوب وما يحيط بتشبيهه بعيسى وكيف حدثت الحادثة لا يعلمها الناس يهوداً ونصارى ومسلمين وغيرهم، وإنّ من يخوضون فيها سيتخبطون بجهل لا أكثر ولا أقل ﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ﴾.
إنّ الله يعلم الغيب وأحداث المستقبل والماضي ويُطلع على بعضها خلفاءه في أرضه.
إذن، حادثة الصلب وما يحيط بها سر – ليس عند المسلمين فقط بل حتى عند المسيحيين وسيأتي الكلام بهذا الأمر – ولا يتيسر الوصول إلى حقيقته إلا لمن يطلعه الله عليه، وهذا أمر يخص حجج الله، وبالتالي فالمرور إلى هذا السر بسلاسة ويسر دال على حجية من مر إليه؛ لأنه قد جاء بكلمة السر أو كلمة المرور التي لا يأتي بها إلا من كان متصلاً بالله سبحانه.
المصدر: كتاب الحواري الثالث عشر – السيد أحمد الحسن (ع)
«… ثم تقدم قليلاً وخر على وجهه وكان يصلي قائلاً يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس …» متى: 26.
«… ثم تقدم قليلاً وخر على الأرض وكان يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن أمكن * وقال يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس …» مرقس: 14.
«… وانفصل عنهم نحو رمية حجر وجثا على ركبتيه وصلى * قائلاً يا أبتاه إن شئت أن تُجز عني هذه الكأس …» لوقا: 22.
فكيف يرد الله طلب عيسى ودعاءه وتوسله أن لا يصلب ويدفع عنه الصلب، وهل أنّ عيسى لا يستحق أن يجاب دعاؤه، أم لا يوجد عند الله بديل عن عيسى ع يصلب مثلاً؟!
إضافة إلى أنّ المسيحيين يعتقدون أنّ عيسى ع هو اللاهوت المطلق نفسه، وبالتالي فهم يحتاجون تعليل طلب عيسى ع المتقدم تعليلاً لا يوقعهم في تناقض ينفي لاهوته المطلق – كما يعتقدون هم فيه -، وهذا بعيد المنال، فهم لو قالوا إنه طلب أن يدفع عنه الصلب لجهله بحتمية الحدث فقد نقضوا لاهوته المطلق؛ لأنهم وصفوه بالجهل وهو ظلمة، فتبين أنه نور وظلمة وليس نور لا ظلمة فيه، وبالتالي انتقض لاهوته المطلق. وإن قالوا إنه طلب أن يدفع عنه الصلب مع علمه بحتمية الحدث فقد اتهموه بالسفه، وإلا فما معنى طلبه هذا مع علمه بحتمية الحدث ؟! وقولهم هذا ينفي لاهوته المطلق بل وينفي عنه ما دون ذلك وهو حكمة الأنبياء .
المصلوب لا يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل، فلماذا لا يقبل لو كان هو نفسه عيسى ع الذي جاء يبلغ الناس بأنه ملك بني إسرائيل ؟! أليس هذا يدل بوضوح أنّ الذي ألقي عليه القبض وصلب شخص آخر غير عيسى ع ملك بني إسرائيل لهذا هو لم يقبل أن يقول إنه ملك بني إسرائيل.
«… فوقف يسوع أمام الوالي فسأله الوالي قائلاً أأنت مَلِك اليهود فقال له يسوع: أنت تقول …» إنجيل متى: إصحاح /27.
«… فسأله بيلاطس أنت ملك اليهود فأجاب وقال له أنت تقول …» إنجيل مرقس: إصحاح /15.
«…33 ثم دخل بيلاطس أيضاً إلى دار الولاية ودعا يسوع، وقال له أنت ملك اليهود. 34 أجابه يسوع أمن ذاتك تقول هذا أم آخرون قالوا لك عني. 35 أجابه بيلاطس ألعلي أنا يهودي. أمتك ورؤساء الكهنة أسلموك إلي. ماذا فعلت. 36 أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا. 37 فقال له بيلاطس أفأنت إذا مَلِك. أجاب يسوع أنت تقول إني ملك. لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم لأشهد للحق …» إنجيل يوحنا: أصحاح /18.
مخاطبة المصلوب لمريم أم عيسى ع يدل على أنه ليس ابنها، وإلا فهل يليق بابن أن يخاطب أمه (يا امرأة). نعم يصح أن يخاطبها المصلوب بهذه الكلمة إذا لم يكن هو نفسه عيسى ع، ومخاطبته لها بهذه الكلمة ليوضح أنها ليست أمه وأنه ليس عيسى ع .
«25 وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية. 26 فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفاً قال لأمه يا امرأة هو ذا ابنك. 27 ثم قال للتلميذ هو ذا أمك» إنجيل يوحنا أصحاح 19.
بطرس يعرض أن يضع نفسه مكان عيسى للصلب وعيسى يبين له عجزه عن هذا الأمر:
«وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا أصحاح 22.
«قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيراً. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا أصحاح 13.
في النصين المتقدمين من الإنجيل نفهم أنّ عيسى عرض بصورة أو بأخرى على الحواريين أن يفدوه، أو على الأقل نجد في النصوص أنّ عيسى ع يبين لبطرس وهو أفضل الحواريين أنه غير قادر أن يفدي عيسى ع: «قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني ؟. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات»، إذن هذا النص من إنجيل يوحنا يبين بوضوح أنّ عيسى ع طلب من بطرس أن يفديه أو أنه ناقش عرض بطرس «أتضع نفسك عني ؟» ونجد أنّ عيسى أجاب على هذا السؤال بأن بطرس غير قادر على هذا الأمر «الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات»، وهذه المناقشة لم تأتِ من فراغ، فما الذي جعل بطرس يعرض هذا العرض لو لم يكن عيسى ع قد طرح هذا الأمر لهم ؟!
وأيضا كلام بطرس «إني أضع نفسي عنك» كيف يمكن فهمه بغير مسألة التشبيه، وإلا فكيف يضع بطرس نفسه مكان عيسى ع ليصلب إذا لم يشبه به قبل هذا لكي يأخذه اليهود ويصلبوه على أنه عيسى ع نفسه، فالقوم يطلبون عيسى ع وليس بطرس ولن يأخذوا بطرس ما لم يشبه به، وأيضاً رد عيسى ع لم يكن أنه لا يصح أن تفديني يا بطرس أو لابد أن أصلب أنا، أو أي جواب آخر غير أنك يا بطرس غير قادر على هذا الأمر، وهذا ينقلنا إلى التساؤل: إذا كان بطرس والحواريون عاجزين عن أن يضعوا أنفسهم مكان عيسى ع ويتحملوا الصلب فهل لا يوجد عند الله أحد يؤدي هذه المهمة بعد أن طلب عيسى ع بوضوح أن يدفع عنه الصلب كما تقدم ؟!
«فقال يسوع لبطرس اجعل سيفك في الغمد. الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها» يوحنا 18 – 11.
هذا الكلام صدر من المصلوب أثناء القبض عليه، وهو كلام شخص قابل بمسألة الصلب ولا إشكال عنده معها، بل ويعتبر أنّ التردد في شرب كأس الصلب أمر غير مقبول وغير وارد ولا مطروح بالنسبة له ولا يمكن أن يفكر فيه، «الكاس التي أعطاني الآب ألا اشربها ؟!!!»، لا يسأل فقط بل يتسائل بتعجب (ألا اشربها)، فكيف يمكن تصور أنّ يصدر هذا الكلام من نفس الشخص الذي كان قبل إلقاء القبض على المصلوب يقول: «يا أبا الآب كل شيء مستطاع لك فاجز عني هذه الكأس» مرقس 14.
إذن، فهما شخصان مختلفان تماماً، فالشخص الذي ألقي عليه القبض وصلب شخص آخر غير عيسى ع الذي طلب أن لا يصلب.
المصدر: كتاب الحواري الثالث عشر – السيد أحمد الحسن (ع)
في تفسير علي بن إبراهيم، عن أبي جعفر ع، قال: (إنّ عيسى ع وعد أصحابه ليلة رفعه الله إليه فاجتمعوا عند المساء، وهم اثنا عشر رجلاً، فأدخلهم بيتاً ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء، فقال: إنّ الله رافعي إليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي، قال شاب منهم: أنا يا روح الله، قال: فأنت هُوَ ذا … ثم قال ع: إنّ اليهود جاءت في طلب عيسى ع من ليلتهم … وأخذوا الشاب الذي ألقي عليه شبح عيسى ع فقتل وصلب) تفسير القمي: ج1 ص103.
وهذه الرواية تبين أنّ هناك آخر غير يهوذا الاسخريوطي هو من ألقي عليه الشبه وصلب وهو بدرجة عيسى، وعيسى خليفة من خلفاء الله في أرضه ونبي وإمام ومن أولي العزم من الرسل، فهذا الشبيه المصلوب إذن على الأقل خليفة من خلفاء الله في أرضه «فأيكم يلقي عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معي في درجتي».
وفيها أيضاً أن هناك اثنا عشر حضروا مع عيسى في الوقت الذي كان فيه يهوذا عند علماء اليهود لتسليم عيسى لهم، فمن يكون الثاني عشر غير المصلوب الذي دخل وخرج دون أن يلفت انتباه أو حتى يراه أحد في البداية غير عيسى «مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزره هكذا لم يفتح فاه».
وهذا الأمر موجود وإن لم يكن بهذا الوضوح في الإنجيل الموجود الآن وقد تبين فيما تقدم:
«وقال الرب لسمعان سمعان هو ذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة. 32 ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك. وأنت متى رجعت ثبت إخوتك. 33 فقال له يا رب إني مستعد أن أمضي معك حتى إلى السجن وإلى الموت. 34 فقال أقول لك يا بطرس لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفني» إنجيل لوقا أصحاح 22.
«قال له سمعان بطرس يا سيد إلى أين تذهب. أجابه يسوع حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني ولكنك ستتبعني أخيراً. 37 قال له بطرس يا سيد لماذا لا أقدر أن أتبعك الآن. إني أضع نفسي عنك. 38 أجابه يسوع أتضع نفسك عني. الحق الحق أقول لك لا يصيح الديك حتى تنكرني ثلاث مرات» إنجيل يوحنا أصحاح 13.
وروي ما يبين بأن الشبيه خليفة من خلفاء الله وأنّ الذين رفضوه وقتلوه كفار والذين سيقبلونه عند عودته ويدافعون عنه مؤمنون أخيار.
عن أبى الجارود، عن أبي جعفر ع في قوله: (﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، فقالوا: لو نعلم ما هي لبذلنا فيها الأموال والأنفس والأولاد، فقال الله: ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ – إلى قوله – الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ﴾ [الصف:10–13]. يعني في الدنيا بفتح القائم. وأيضاً قال فتح مكة قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ – إلى قوله – فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ﴾ [الصف:14]، قال: التي كفرت هي التي قتلت شبيه عيسى ع وصلبته، والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل، (فقتلت الطائفة التي قتلته وصلبته وهو قوله: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾) تفسير القمي – علي بن إبراهيم القمي: ج2 ص365–366.
من هم الذين يجب على الناس الإيمان بهم غير خلفاء الله في أرضه (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل) ؟! إذن، فالرواية تبين بوضوح أنّ المصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه ويجب على الناس الإيمان به ونصرته عند مجيئه إلى هذا العالم.
وهذا موجود في الإنجيل وقاله الشبيه المصلوب بوضوح تام: «أجاب يسوع مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا» إنجيل يوحنا: إصحاح /18. أي إنه يبين أنه عند مجيئه إلى هذا العالم الجسماني في جيله وزمانه سيكون هناك من يدافعون عنه؛ لكي لا يسلم إلى يهود زمانه ويصلب، «لكان خدامي يجاهدون لكي لا أُسَلَّم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا»، (والتي آمنت هي التي قبلت شبيه عيسى حتى لا يقتل).
وروي أنّ الشبيه المصلوب من ذرية رسول الله :
قال رسول الله محمد وهو يدعو لعلي ابن أبي طالب ع: (اللهم أعطه جلادة موسى، واجعل في نسله شبيه عيسى ع، اللهم إنك خليفتي عليه وعلى عترته وذريته الطيبة المطهرة التي أذهبت عنها الرجس والنجس) الغيبة للنعماني: ص144.
في كتب السنة:
روى السنة في تفاسيرهم أنّ الذي صلب ليس يهوذا الاسخريوطي، بل هو شاب كان مع الحواريين:
(روى سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنّ عيسى خرج على أصحابه لما أراد الله رفعه، فقال: أيكم يُلقى عليه شبهي، فيقتل مكاني، ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب، فقال: أنا، فقال: اجلس، ثم أعاد القول، فقام الشاب، فقال عيسى: اجلس، ثم أعاد، فقال الشاب: أنا، فقال: نعم أنت ذاك، فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى، وجاء اليهود، فأخذوا الرجل، فقتلوه، ثم صلبوه. وبهذا القول قال وهب بن منبه، وقتادة، والسدي) زاد المسير في علم التفسير – ابن الجوزي.
(حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ﴿إنَّا قَتَلْنا المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ﴾ … إلى قوله: ﴿وكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ أولئك أعداء الله اليهود اشتهروا بقتل عيسى بن مريم رسول الله، وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه. وذُكر لنا أن نبيّ الله عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يُقذف عليه شبهي فإنه مقتول ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ الله. فقُتل ذلك الرجل، ومنع الله نبيه ورفعه إليه.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: أُلِقي شبهه على رجل من الحواريـين فقُتل، وكان عيسى ابن مريم عَرَض ذلك عليهم، فقال: أيكم ألِقي شبهِي عليه وله الجنة؟ فقال رجل: عليّ.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن القاسم بن أبي بزّة: أن عيسى ابن مريم قال: أيكم يُلقي عليه شبهِي فيُقتل مكاني؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا رسول الله. فأُلقي عليه شبهه، فقتلوه، فذلك قوله: ﴿وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج: بلغنا أن عيسى ابن مريم قال لأصحابه: أيكم يَنتدب فيلقى عليه شبهي فيقتل ؟ فقال رجل من أصحابه: أنا يا نبيّ الله. فألقي عليه شبه فقُتل، ورفع الله نبيه إليه.
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: ﴿شُبِّهَ لَهُمْ﴾ قال: صلبوا رجلاً غير عيسى يحسبونه إياه.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ﴿وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ فذكر مثله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: صلبوا رجلاً شبهوه بعيسى يحسبونه إياه، ورفع الله إليه ع السلام حياً) جامع البيان في تفسير القرآن – ابن جرير الطبري.
(ثم أخبر سبحانه أنَّ بني إسرائيل ما قَتَلُوا عيسَىٰ، وما صَلَبوه، ولكنْ شُبِّه لَهُمْ، واختلفتِ الرُّوَاةُ في هذه القصَّة، والذي لا يُشَكُّ فيه أنَّ عيسَىٰ كان يَسِيحُ في الأَرْضِ ويدعو إلى اللَّه، وكانَتْ بنو إسرائيل تَطْلُبُه، ومَلِكُهُمْ في ذلك الزَّمَانِ يجعَلُ عليه الجَعَائِلَ، وكان عيسَىٰ قد ٱنضوَىٰ إليه الحواريُّون يَسِيرُونَ معه؛ حيثُ سار، فلَمَّا كان في بعض الأوقات، شُعِرَ بأمْر عيسَىٰ، فَرُوِيَ أنَّ رجلاً من اليهود جُعِلَ له جُعْلٌ، فما زال يَنْقُرُ عنه؛ حتى دلَّ علَىٰ مكانه، فلما أحَسَّ عيسَىٰ وأصحابُهُ بتلاحُقِ الطَّالبين بهم، دخلوا بَيْتاً بمرأى مِنْ بني إسرائيل، فرُوِيَ أنهم عَدُّوهم ثلاثةَ عَشَرَ، ورُوِيَ: ثمانيةَ عَشَرَ، وحُصِرُوا لَيْلاً، فرُوِيَ أنَّ عيسَىٰ فرق الحواريِّين عن نَفْسه تلك الليلةَ، ووجَّههم إلى الآفاقِ، وبقي هُوَ ورجُلٌ معه، فَرُفِعَ عيسَىٰ، وأُلْقِيَ شَبْهُهُ على الرجُلِ، فَصُلِبَ ذلك الرجُلُ) الجواهر الحسان في تفسير القرآن – الثعالبي.
(فاجتمعت اليهود على قتله فأخبره الله بأنه يرفعه إلى السماء ويطهره من صحبة اليهود، فقال لأصحابه: أيكم يرضى أن يلقى عليه شبهي فيقتل ويصلب ويدخل الجنة ؟ فقال رجل منهم: أنا، فألقى الله عليه شبهه فقتل وصلب) تفسير مدارك التنزيل وحقائق التاويل – النسفي.
(……… امتثل والي بيت المقدس ذلك وذهب هو وطائفة من اليهود إلى المنزل الذي فيه عيسى ع وهو في جماعة من أصحابه اثني عشر أو ثلاثة عشر وقال سبعة عشر نفراً وكان ذلك يوم الجمعة بعد العصر ليلة السبت فحصروه هنالك. فلما أحس بهم وأنه لا محالة من دخلوهم عليه أو خروجه إليهم قال لأصحابه أيكم يلقى عليه شبهي وهو رفيقي في الجنة ؟ فانتدب لذلك شاب منهم فكأنه استصغره عن ذلك فأعادها ثانية وثالثة وكل ذلك لا ينتدب إلا ذلك الشاب فقال: أنت هو وألقى الله عليه شبه عيسى حتى كأنه هو وفتحت روزنه من سقف البيت وأخذت عيسى عليه السلام سنة من النوم فرفع إلى السماء وهو كذلك كما قال الله تعالى “إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي” الآية فلما رفع خرج أولئك النفر فلما رأى أولئك ذلك الشاب ظنوا أنه عيسى فأخذوه في الليل وصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه ….. وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم أي رأوا شبهه فظنوه إياه) تفسير ابن كثير.
ووجدنا روايات تقول إنه من ذرية رسول الله وعلي ع، وتشير إلى أنه خليفة من خلفاء الله، فماذا نفعل، هل نبقى نجادل ونرد هذه الروايات ونمرر أوهامنا المبنية على الهوى لا غير والتي تعارض ما نقل في التوراة والإنجيل والروايات وتعارض العقل أيضاً ونقول إنّ المصلوب يهوذا الاسخريوطي وأنها عنزة وإن طارت ؟!!!!!!!!!!
أم نقول القول منا ما اتفقت عليه الكتب السماوية التوراة والإنجيل والقرآن ونص عليه رسول الله وآل محمد وهو أنّ المصلوب ليس عيسى ع، والمصلوب إنسان صالح، والمصلوب خليفة من خلفاء الله في أرضه، والمصلوب من آل محمد ص ومن ذرية علي ع،
وكل هذه الحقائق من النصوص من التوراة والإنجيل والقرآن وأقوال محمد وآل محمد ولا معارض معتبراً لها.
المصدر: كتاب الحواري الثالث عشر – السيد أحمد الحسن (ع)