نجد نفس السنة الإلهية التي رواها القرآن ودين الإسلام ماثلة بوضوح في العهد القديم، وهذه بعض النصوص كمثال:
«وقال الرب لموسى هوذا أيامك قد قربت لكي تموت. أدع يشوع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه. فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الاجتماع 15 فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة» [التثنية – الأصحاح الواحد والثلاثين].
والكلام واضح في أنّ (يشوع) أو (يوشع) هو وصي موسى (عليه السلام).
«1 وهذه هي البركة التي بارك بها موسى رجل الله بني إسرائيل قبل موته 2 فقال. جاء الرب من سيناء وأشرق لهم من سعير وتلالا من جبل فاران وأتى من ربوات القدس وعن يمينه نار شريعة لهم. 3 فأحب الشعب. جميع قديسيه في يدك وهم جالسون عند قدمك يتقبلون من أقوالك» [التثنية – الأصحاح الثالث والثلاثون].
والنص يذكر موسى وعيسى ومحمداً. ويمكن مراجعة ما بيّنته في تفسير نص دعاء السمات.
«وقال الملك داود ادع لي صادوق الكاهن وناثان النبي وبناياهو بن يهوياداع. فدخلوا إلى أمام الملك. 33 فقال الملك لهم خذوا معكم عبيد سيدكم
وأركبوا سليمان ابني على البغلة التي لي وانزلوا به إلى جيحون 34 وليمسحه هناك صادوق الكاهن وناثان النبي ملكا على إسرائيل واضربوا بالبوق وقولوا ليجي الملك سليمان. 35 وتصعدون وراءه فيأتي ويجلس على كرسيي وهو يملك عوضا عني وإياه قد أوصيت أن يكون رئيسا على إسرائيل ويهوذا. 36
فأجاب بناياهو بن يهوياداع الملك وقال آمين. هكذا يقول الرب إله سيدي الملك. 37 كما كان الرب مع سيدي الملك كذلك ليكن مع سليمان ويجعل كرسيه أعظم من كرسي سيدي الملك داود» [الملوك الأول – الأصحاح الأول].
«1 ولما قربت أيام وفاة داود أوصى سليمان ابنه قائلا 2 أنا ذاهب في طريق الأرض كلها. فتشدد وكن رجلا. 3 إحفظ شعائر الرب إلهك إذ تسير في طرقه وتحفظ فرائضه وصاياه وأحكامه وشهاداته كما هو مكتوب في شريعة موسى لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت. 4 لكي يقيم الرب كلامه الذي تكلم به عني قائلاً إذا حفظ بنوك طريقهم وسلكوا أمامي بالأمانة من كل قلوبهم وكل أنفسهم قال لا يعدم لك رجل عن كرسي إسرائيل» [الملوك الأول – الأصحاح الثاني].
والنصان أعلاه واضح فيهما أنّ نبي الله الملك سليمان (عليه السلام) هو وصي نبي الله الملك داود (عليه السلام) والذي أوصى بسليمان بأمر الله سبحانه وتعالى.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
وقد ورد ضمن المواضيع التالية ما بينه السيد أحمد الحسن (ع) في تفسير نص دعاء السمات:
◄ما معنى ما ورد في دعاء السمات ؟
سؤال/ 69: ما معنى ما ورد في دعاء السمات: (وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء فكلمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران (ع)، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في جبل فاران بربوات المقدسين وجنود الملائكة الصافين وخشوع الملائكة المسبحين)؟
الجواب: (ساعير) هي أرض العبادة والتوحيد وهي الأرض المقدسة، أي بيت المقدس وما حوله. و (فاران) ملجأ الاستغفار والتوبة وهي مكة وما حولها. والنبي الذي بُعث في ساعير هو عيسى (ع)، والذي بُعث في فاران هو محمد (ص).
أما المجد الذي ظهر على طور سيناء فكلّم به الله سبحانه وتعالى موسى (ع) فهو علي (ع)، وهو باب الفيض في الخلق، فعلي (ع) مكلّم موسى (ع)، وعلي (ع) عصا موسى (ع)، فحقيقة عصا موسى لم تكن تلك العصا، بل إنّ عصا موسى الحقيقية التي شقّ بها البحر هي كلمات الله ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الشعراء : 62]، وهي اليقين الراسخ في قلب موسى (ع)، وكلمات الله واليقين: علي بن أبي طالب (ع).
وأما (وبطلعتك في ساعير): أي طلعة الله سبحانه في ساعير، والله سبحانه وتعالى طلع في ساعير بعيسى بن مريم، والطلعة أي الإطلالة والظهور الجزئي غير المكتمل، فعيسى (ع) مثّل الله سبحانه وتعالى في الخلق، ولكن بشكل غير تام، ولهذا كان بعثه طلعة الله سبحانه وتعالى، وبهذا كان عيسى ممهداً لبعث محمد (ص)؛ لأنّ الطلعة تسبق الظهور.
(وظهورك في جبل فاران): أي ظهور الله سبحانه وتعالى، وكان هذا الظهور ببعث محمد (ص) فالرسول الأعظم محمد (ص) هو الله في الخلق، ولهذا عبّر الإمام (ع) في الدعاء عن بعث محمد (ص) بظهور الله سبحانه، فالإمام (ع) يريد أن يقول في الدعاء إنّ محمداً (ص) هو الله في الخلق، وإنّ بعثه هو ظهور الله، فمن عرف محمداً (ص) عرف الله، ومن رأى محمداً رأى الله، ومن نظر إلى محمد نظر إلى الله.
وهذه الحقائق اليوم بدأت تظهر وتبيّن بفضل الإمام المهدي (ع)، قال تعالى: ﴿وَالشّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا﴾ [الشمس : 1 – 3]، والشمس: رسول الله محمد (ص)، والقمر: علي بن أبي طالب (ع)، فهو من تلا رسول الله، والنهار: هو القائم (ع) ([39])؛ لأنه هو الذي يظهر ويجلي فضل رسول الله (ص) الحقيقي ، ومقامه العظيم.
ومع أنه في الحقيقة الموجودة في هذا العالم الجسماني أنّ الشمس هي التي تجلي النهار وتظهره، ولكنّ الله قال في هذه السورة: والنهار إذا جلاها (أي الشمس)، فالإمام المهدي (ع) صحيح أنه ظهر وتجلى من رسول الله (ص)، ولكنه في آخر الزمان هو الذي يظهر ويجلي رسول الله (ص) للناس.
[عن الحارث الأعور للحسين بن علي عليهما السلام : ( يا بن رسول الله جعلت فداك أخبرني عن قول الله في كتابه المبين : ( والشمس وضحاها ) قال : ويحك يا حارث محمد رسول الله ، قال : قلت : ( والقمر إذا تلاها ) قال: ذاك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ، يتلو محمداً (ص) ، قال : قلت قوله : ( والنهار إذا جلاها ) قال : ذلك القائم (ع) من آل محمد (ص) يملا الأرض عدلاً وقسطاً ) بحار الأنوار : ج24 ص7].
المصدر: كتاب المتشابهات ج3 – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ محمد (ص) خاتم المرسلين من الله سبحانه أما بعد بعثه فالإرسال منه (ص)
محمد خاتم الأنبياء والمرسلين من الله سبحانه وتعالى أما بعد بعثه فالإرسال منه صلوات الله عليه باعتباره الله في الخلق، فهو صورة الله التامة وأسماء الله الحسنى ووجه الله وكلمته التامة (….. وبكلمتك التي خلقت بها السماوات والارض ….. وبشأن الكلمة التامة ….. وأسألك بكلمتك التي غلبت كل شيء …..) [دعاء السمات]، وهو صلوات الله عليه ظهور الله في فاران (مكة) (….. وبطلعتك في ساعير وظهورك في جبل فاران …..) [دعاء السمات]، كما كان عيسى (ع) طلعة الله في ساعير ، والطلعة هي الإطلالة والظهور الجزئي، فكان عيسى (ع) ممهداً لمحمد (ص).
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ محمد (ص) ظهور اللّه في فاران
وردت هذه العبارة في دعاء السمات الوارد عن الأئمة (ع): (…. وأسألك اللهم ….، وبمجدك الذي ظهر على طور سيناء، فكلّمت به عبدك ورسولك موسى بن عمران (ع)، وبطلعتك في ساعير، وظهورك في فاران …) بحار الأنوار: ج87 ص97.
وطلعة الله في ساعير بعيسى (ع)، وظهور الله في فاران بمحمد (ع).
ولابد من الالتفات إلى أنّ عبارات الدعاء مرتّبة تصاعديّاً،
فمن نبي (كلّمه الله) وهو موسى (ع)،
إلى نبي مثّل (طلعة الله) وهو عيسى (ع)،
إلى نبي مثّل (ظهور الله ) وهو محمد (ص).
والفرق بين الطلعة والظهور؛ هو أنّ الطلعة هي الإطلالة والظهور الجزئي ، أي إنّ الطلعة هي تجلّي بمرتبة أدنى من الظهور،
فكلاهما أي عيسى (ع) ومحمد (ص) مثَّلا الله سبحانه في الخلق ، ولكن عيسى (ع) بمرتبة أدنى من محمد (ص).
وبَعث عيسى (ع) كان ضرورياً للتمهيد لظهور، وبَعث محمد (ص) الذي مثَّل الله في الخلق، فكان محمد (ص) خليفة الله حقّاً.
وإذا رجعنا إلى أصل وبداية الخلق وجدنا الله سبحانه وتعالى يخاطب الملائكة: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾البقرة: 30.
فإنّه وإن كان آدم خليفة الله وباقي الأنبياء والأوصياء (ع) كذلك، ولكن الهدف الذي يُراد الوصول إليه هو خليفة الله حقّاً، أي الشخص الذي يكون خليفة كامل لله سبحانه وتعالى، فيعكس اللاهوت في مرآة وجوده بشكل أكمل وأتم من كل الأنبياء والأوصياء (ع)
فالمراد الوصول إليه هو شخص يخفق بين (الأنا والإنسانية)، وبين (اللاهوت والذات الإلهية).
سأل أبو بصير أبا عبد الله (ع)، فقال: (جعلت فداك كم عرج برسول الله (ص) ؟
فقال (ع): مرتين، فأوقفه جبرائيل موقفاً فقال له: مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفاً ما وقفه ملك قط ولا نبي، إنّ ربك يصلي ،
فقال (ص): يا جبرائيل وكيف يصلي ؟
قال: يقول: سُبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتي غضبي.
فقال (ص): اللهم عفوك عفوك.
قال: وكان كما قال الله: ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى﴾النجم: 9.
فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى ؟
قال (ع): ما بين سيتها إلى رأسها، فقال (ع): كان بينهما حجاب يتلألأ يخفق، ولا أعلمه إلاّ وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الإبرة إلى ما شاء الله من نور العظمة.
فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد.
قال: لبيك ربي.
قال: من لأمتك من بعدك ؟
قال: الله أعلم.
قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين.
ثم قال أبو عبد الله لأبي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي (ع) من الأرض، ولكن جاءت من السماء مشافهة) الجواهر السنية: ص213، الكافي: ج1 ص442
فمحمد (ص) في الآن الذي يفنى في الذات الإلهية لا يبقى إلاّ الله الواحد القهّار، ولا يبق إلاّ نور لا ظلمة معه، وهو الله سبحانه وتعالى،
فيكون هذا العبد قد كشف عنه الغطاء حتى عرف الله حق معرفته.
فهو فقط الذي يمكن أن يُعرّف الخلق بالله بشكل كامل وتام،
وكذلك هو فقط خليفة الله الكامل، أي الذي تجلّى فيه اللاهوت، أو الذات الإلهية بأكمل ما هو ممكن للإنسان.
المصدر: كتاب النبوة الخاتمة – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ الرُسل من الرسل هم رسل من الله لأنه بأمره سبحانه وتعالى
القرآن الكريم بيّن هذه القضية المهمة ؛ لكون الرسول محمد (ص) فاتح بابها الواسع ، فهي حصلت فيما سبق وتحديداً مع عيسى (ع) (طلعة الله في ساعير)، والممهّد لمحمد (ص) ودعوته الكبرى ، التي سيكون فيها تحوّل كبير في منهج الإرسال الإلهي لأهل الأرض، واستخلاف خليفته سبحانه وتعالى في أرضه.
فقد أرسل عيسى (ع) رسلاً منه إلى أنطاكية ، وهم أيضاً رسل من الله لأنّ عيسى (ع) يعمل بأمر الله سبحانه وتعالى، ﴿لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾ الأنبياء: 27.
وهذا الإرسال من رسول الله عيسى (ع) ذُكِرَ في القرآن في سورة يس، قال تعالى:
﴿وَاضرِب لَهُم مَّثَلاً أَصحَابَ القَرْيَةِ إذْ جَآءَهَا المُرْسَلُونَ * إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾ يـس: 13-14.
فالله يقول: (أرسلنا)، مع أنّ المُرسِل عيسى (ع)، فأصبحت الرسالة من عيسى (ع) هي رسالة من الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ عيسى (ع) مثَّل الله في الخلق، فهو (طلعة الله في ساعير).
المصدر: كتاب النبوة الخاتمة – السيد أحمد الحسن (ع)