محمد (صلى الله عليه وآله) طالب بحاكمية الله، بل ولما سنحت له الفرصة طبّق حاكمية الله في المدينة المنورة ثم مكة والحجاز، وبيَّن بوضوح أنّ الحق في حاكمية الله، وأنّ كلَّ فرق المسلمين التي ستخرج عن حاكمية الله هي فرق ضالة. وحديث الفرقة الناجية وصفتها أشهر من نار على علم.
عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك. وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قال من هي يا رسول الله؟ قال: ما أنا عليه وأصحابي» [ سنن الترمذي: ج4 ص135])
وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهن في النار إلا واحدة قالوا وما تلك الفرقة قال ما أنا عليه اليوم وأصحابي» [مجمع الزوائد – الهيثمي: ج1 ص189].
وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : «سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل وإنهم تفرقوا على اثنين وسبعين ملة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة. قال: قيل: يا رسول الله وما تلك الواحدة؟ قال هو: ما نحن عليه اليوم أنا وأصحابي» [معاني الأخبار – الصدوق: ص323].
إذن، صفة الفرقة الناجية هي أنها فرقة فيها علاقة كما كانت العلاقة بين رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وأصحابه، وهي علاقة واضحة فرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) قائد منصّب من الله وأصحابه مؤمنون بهذه القيادة الإلهية.
تبقى مسألة الإشكال والجدال، فهذا يقول لماذا محمد فعل كذا، ولماذا قال كذا، ولو كان رسول لما قال هذا ولما فعل ذاك، والقرآن مخالف لقواعد العربية والنحو وفيه لحن وركاكة في البلاغة، وإشكالات يمكن أنْ توجه نفسها إلى أيِّ رسول أو كتاب أو دين إلهي آخر، وهي مردودة.
في حين أننا لابد أنْ نلتفت إلى أنّ من ينتقل إلى الإشكال قبل أنْ يرد الدليل وينقضه ويبيِّن أنه ليس دليلاً، فهو في الحقيقة قد أقرَّ الدليل والعقيدة التي يشكل عليها وأنفذها، وإنما هو بإشكاله في طور تجليتها وإظهارها؛ لأنّ الإشكالات لا تعدو كونها إشكالات ترد ولا قيمة لها في الحقيقة، غير أنها أداة استخفاف طاغوتية يستعملها علماء الضلال والطواغيت لاستخفاف أتباعهم وإبقائهم على اتّباعهم وتقليدهم الأعمى ليحتفظوا بمناصبهم ودنياهم.
وهم بعد أنْ تهدم عقيدتهم الباطلة وتسقط كل إشكالاتهم يعودون إلى أتفه إشكال، هدفهم منه إثارة عواطف أتباعهم تجاه آبائهم وسلفهم، وهو إشكال فرعون على نبي الله موسى (عليه السلام) حيث كان قول فرعون: ﴿… فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ [طه: 51]، فكان جواب موسى (عليه السلام) : ﴿…عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ [طه: 52].
وقد بيّنت جواب هذا الإشكال أيضاً في مسألة أزمنة الفترات وحال الناس فيها.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)