الأسماء أو الصفات الذاتية متحدة وفانية في الذات الإلهية أو الله فناء أحدياً يجعلها والذات واحداً أحداً لا تركيب فيه، فجميع الأسماء والصفات الذاتية متحدة في الذات الإلهية أو “الله” وحدة حقيقية،
أي أنّ الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته؛ وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولا جواهر تتركب منها،
فهذه الأسماء والصفات الذاتية القديمة ليست آلهة منفصلة عن الله باعتبار أن ألوهيتها مطلقة في الجهات التي تمثلها بل هي غير منفكة عن الذات الإلهية، وبالتالي فهي عين الذات، فهو سبحانه قادر والقدرة ذاته وعالم والعلم ذاته و …… .
والتوحيد بالمرتبة الأولى يكون بمعرفة انطواء جميع هذه الأسماء في الذات الإلهية، أي أنّ الله رحمن رحيم والرحمة ذاته، وقادر والقدرة ذاته.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)
وهذا السور أو الباب هو سور التوحيد فمن دخل من البسملة إلى الكتاب شمله باطن البسملة وهو الرحمة (الرحمن الرحيم)، ومن بقي في الخارج حيث الظلام واجهه ظاهر البسملة وهو النقمة (الواحد القهار).
فالبسملة سور باطنه (بسم الله الرحمن الرحيم) وظاهره (بسم الله الواحد القهار).
وذُكر بسم الله الرحمن الرحيم في أوائل السَور ولم يذكر بسم الله الواحد القهار في أول سورة التوبة – التي هي خطاب موجه الى من اختاروا معاداة ومحاربة الرسول (ص) – ذلك أن من بين شيئاً فقد بين ضده؛ ولأنه سبحانه يواجه خلقه بالرحمة إلا من إختار الظلم والفساد والجور؛ فإنه سبحانه يواجهه بالقهر والنقمة، فالرحمة هي الأصل بالمواجهة والمواجهة بالقهر استثناء.
وبسملة كل سورة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالسورة من جهة، ومرتبطة ببسملة سورة الفاتحة من جهة أخرى.
وبما أن كل بسملة تحكي جهة من جهات بسملة الفاتحة، فهذه البسملة في هذه السورة تحكي التوحيد.
فالبحث في بسملة هذه السورة يدور حول التوحيد، وهنا ثلاثة أسماء: الله الرحمن الرحيم.
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ الله إسم الذات، والرحمن الرحيم باب الذات
والرحمن الرحيم باب الذات، وتترشح من هذا الباب أبواب هي بعدد أسمائه سبحانه وتعالى،
وإنما جعل الرحمن الباب الذي تترشح منه أسماء الله سبحانه وتعالى؛ لأنه يتعامل بالرحمة ولئلا تشتد المثلات بالخلق الذاكر لنفسه والغافل عن ربه.
فالتوحيد بالمرتبة الأولى:
معرفة انطواء جميع هذه الأسماء في الذات الإلهية، أي أن الله رحمن رحيم والرحمة ذاته، وقادر والقدرة ذاته.
ومعرفة أن جميع هذه الأسماء مترشحة من باب الرحمة باطنه الرحيم وظاهره الرحمن.
ومعرفة إن جميع هذه الأسماء غير منفكة عن الذات بل هي الذات عينها.
ومعرفة أن جميع هذه الأسماء والصفات هي لجهة حاجة الخلق إليها، فوجودها من جهة افتقار الخلق لا من جهة متعلقة به سبحانه وتعالى،
بل إنه سبحانه وتعـالى تجلى بالذات للخلق ليعرف – كان سبحانه كنـزاً فخلق الخلق ليعرف –
ومعرفته سبحانه وتعالى بمعرفة الذات أو الله،
وتمام معرفته تكون بمعرفة العجز عن معرفته سبحانه وتعالى عما يشركون، أي العجز عن معرفته في مرتبة الكنه أو الحقيقة،
ومعرفة الذات أو الله إنما تحصل من الباب أو الرحمن الرحيم،
ولتحصيل هذه المعرفة افتتحت جميع العوالم بهذه الأسماء الثلاثة: الله الرحمن الرحيم، …
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ البسملة تشير إلى أحدية الذات الإلهية
والباب في الذات ومنه يترشح ما في الذات. فالباب هو الذات ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّـاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَـاءُ الْحُسْنَى﴾ [الاسراء : 110]، فالبسملة تشير إلى أحدية الذات الإلهية (الله) بحسب باطن سور الكتاب، أي بسم الله الرحمن الرحيم،
أما بحسب ظاهر سور الكتاب أي بسم الله الواحد القهار، فهي أيضاً تشير إلى الوحدة، فالواحد القهار باب الذات مترشح من الرحمن الرحيم،
فالواحد هو باطن الباب، والقهار هو ظاهر الباب ونتيجتهما واحدة، فهما متحدان في الواقع الخارجي – كما إنّ الرحمن الرحيم متحدان بالمعنى – لامتناع تعددهما او تفرقهما في الخارج؛ لأن الواحد الحقيقي يكون قاهراً لكل ماسواه ، وأيضاً القهار الحقيقي لكل ما سواه واحد حقيقي، قال أمير المؤمنين علي (ع): (فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقـاءِ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَنـاءِ) دعاء الصباح للأمير (ع) [مفاتيح الجنان]، وأيضاً هذا الباب منطوي في الذات أو الله انطواء فناء.
[لا تناقض بين القهر والرحمة، فالقهر عندما يكون لتحقيق العدل يكون من الرحمة حتماً وليس شيئاً آخر، ولا أظن أن هناك مؤمناً يشك أن قهره لغيره سبحانه يكون لتحقيق العدل أو لحكمة بالغة،
فقهره للظالمين هو إنصاف للمظلومين وتحقيق للعدل، وهو في النتيجة يرجع إلى الرحمة
وموت الانسان الذي ينسب إلى قهره سبحانه وتعالى لولاه لبقي المؤمن بعد معرفته لحقيقة هذه الدنيا وانكشافها له يتألم في هذه الدنيا، أو لبقي المؤمن الكبير في السن أو المتضرر جسدياً ضرراً كبيراً يتعرض لأذى وألم مستمر في هذه الدنيا بسبب عجزه الجسماني. إذن، فالموت من الرحمة، بل من يفهم ويتدبر كلامي يعلم أن الموت الجسماني المادي بالنسبة للمؤمن في حقيقته هو الحياة والارتقاء وبالتالي يكون الموت بالنسبة للمؤمن رحمة في كل حال وعلى كل حال].
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ يجب أن تكون الذات أو الله قبلة للكنه والحقيقة
وهذا الفناء إشارة إلى الخلق، لترك ملاحظة أي كمال أو اسم من أسماء الذات والتوجه إلى التوحـيد الحقيقي،
وهو التوجه إلى الحقيقة والكنه والتخلي عن أي معرفة، والإعتراف بالعجز المطلق عن أي معرفة سوى إثبات الثابت الذي تشير له الهاء في (هو)، ومعرفة العجز عن معرفته التي تشير له الواو في (هو)، وهذا التوجه هو توجه إلى الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، وهذه هي العبادة الحقيقية وهذا هو التوحيد الحقيقي وما دونه شرك في مرتبة ما.
فالذين يعبدون الذات أو (الله) نسبة إلى هذه المرتبة مشركون من حيث لا يشعرون فضلاً عمن سواهم، قال تعالى: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ﴾ [يوسف: 106]،
فيجب أن تكون الذات أو الله قبلة للكنه والحقيقة فهي المقصود بالعبادة دون من سواها.
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ حدود هذه الأسماء (الله، الرحمن، الرحيم) ومعانيها
الله: وهو إسم للذات الإلهية الجامعة للصفات الكمالية، وفي الحقيقة هو صفة جامعة للصفات فمعنى الله أي الذي يؤله إليه في الحوائج، أي الذي يقصد لسد النقص من كل جهة.
الرحمن: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو منطوٍ وفانٍ في الله، والرحمن في الدنيا والآخرة ولكنه أولى بأمور الدنيا لجهة سعة الرحمة فيه.
الرحيم: وهو اسم للذات الإلهية وصفة من صفات الكمال، وهو أيضاً فانٍ في الذات الإلهية أي الله، والرحيم في الدنيا والآخرة ولكنه أولى بأمور الآخرة، لجهة شدة الرحمة فيه كما بينته في تفسير الفاتحة، فراجع.
وهذان الاسمان أو الصفتان الرحمن الرحيم: هما في الحقيقة إسم واحد وصفة واحدة، فلا افتراق حقيقي بينهما ولا تمايز حقيقي، بل هما وجهان لحقيقة واحدة هي الرحمة، فهما باب الذات: الرحمن ظاهر الباب، والرحيم باطن الباب.
هنا توحد هذان الاسمان
ولم يبقَ لنا إلا توحد الرحمة مع الله أو الذات الإلهية، وهذا لا يحتاج فيه صاحب فطرة سليمة إلى العناء والبحث والتدقيق لمعرفته
فالله سبحانه وتعالى، إذا كان هو الذي يؤله إليه في الحوائج، وهؤلاء الذين يتألهون إليه أو يقصدونه عصاة مقصرون، خيّرهم وأفضلهم ناظر إلى نفسه ولو من طرف خفي،
فبماذا يعطيهم أ بالعدل وهو وضع الشيء في موضعه ؟
وهل من وضع الشيء في موضعه أن تعطي السلاح من يقاتلك به وهو ظالم ؟! وكيف ببقية الخلق إذا كان محمد (ص) خير خلق الله سبحانه وتعالى إحتاج في مواجهة الله سبحانه وتعالى الرحمة، فقدم له سبحانه وتعالى بقوله: (سبوح قدوس أنا رب الملائكة والروح سبقت رحمتي غضبي) فقال الرسول (ص): (اللهم عفوك عفوك).
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد
فالباب أو الرحمن هو مدينة الكمالات الإلهية أو الله فمنه يعرف ما فيها، ويتجلى ويظهر منه الفيض الإلهي إلى الخلق، قال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾[الإسراء : 110]،
فإذا تبين وحدة هذه الأسماء في الذات الإلهية أو الله وفناؤها فيها عرفنا أن الوحدة الأحدية متحققة في الذات الإلهية أو الله سبحانه وتعالى،
وهذه هي المرتبة الأولى المقصودة في التوحيد،
وهي كما قدمت وحدة جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية أو الله وحدة حقيقية
أي أن الله واحد أحد وجميع الأسماء والصفات عين ذاته وليست أعراضاً تتصف بها الذات، ولا جواهر تتركب منها
فهو الله الرحمن القادر …….. كما قال تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحشر: 22 – 24].
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ المرتبة الأولى في التوحيد لا تخلو من الشرك في مرتبة ما
الجهة الأولى: هي أننا لا يمكن أن نرفع كثرة الأسماء الملازمة للذات الإلهية عن أوهامنا، وإن كانت كثرة إعتبارية، فالله هو: الرحمن الرحيم القادر القاهر الجبار المتكبر العليم الحكيم …
وهذه الكثرة وإن كانت لا تخل بوحدة الذات الإلهية أو الله ولكنها كثرة، وتحمل معنى الكثرة فهي مخلة بالتوحيد في مرتبة أعلى من هذه،
قال أمير المؤمنين (ع): (….. أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف) [نهج البلاغة: ج1 ص39].
والجهة الثانية: هي جهة الألوهية، فكوننا نتأله في حوائجنا إلى الذات الإلهية فإن علاقتنا معه سبحانه وتعالى غير خالية – والحال هذه – من الطمع والحاجة لسد النقص من جهة معينة، إذن فالعبادة غير خالصة بل هي طلب للكمال وسد النقص في أحسن صورها على هذا الحال، وهذه المرتبة شرك، …
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
◄ المرتبة الأخيرة المقصودة في التوحيد (التوحيد الحقيقي)
إذن فالتوحيد الحقيقي يتحقق
بعد معرفة فناء جميع الأسماء والصفات في الذات الإلهية،
ثم فناء الذات الإلهية في الحقيقة أي فناء الألوهية في حقيقته سبحانه،
[وعلى هذا فطر الله الإنسان، فالإنسان هو صورة اللاهوت، فلا يضيع عبد حظه ويقول إن هذا مقام قد حجب عني، بل الحق والحق أقول لكم: هو باب مفتوح للجميع ولا يغلق حتى تقوم الساعة، والخاسر من ضيع حظه].
ولايتحقق هذا الامر الا بفناء الأنا وشخصية الانسان فلا يبقى إلا الشاهد الغائب سبحانه وتعالى عما يشركون، وإذا كان هناك لفظ دال عليه فيكون (هو) ضمير الغائب، والهاء لإثبات الثابت والواو لغيبة الغائب
[ضمير الغائب يشير إلى الغيبة، وبالنسبة للغائب الذي يشار له بضمير الغائب فهو ليس بمجهول مطلق، ولذا فضمير الغائب بغض النظر عن التفصيل المذكور يشير إلى غيبة الغائب وإثبات الوجود]،
وهذا التوجه – المتحصل من هذه المعرفة – هو التوجه الصحيح لأنه توجه إلى الحقيقة والكنه، وهذا هو التوحيد الحقيقي،
توحيد الحقيقة والكنه أو الإسم الأعظم الأعظم الأعظم، أو الإسم المكنون المخزون والذي ينبع من داخل الإنسان بعد فناء الأنا وبقاء الله،
وهذه هي المرتبة الأخيرة المقصودة في التوحيد واليها تشير بسملة التوحيد وسورة التوحيد أيضاً كما سيتضح.
ولأن بسملة سورة التوحيد هي مفتاح التوحيد الحقيقي وهي باب وحجاب الكنه والحقيقة، ولأن التوحيد غاية ابن آدم، فقد جرى الاهتمام العظيم بقراءة سورة التوحيد في الصلاة الواجبة والمستحبة وقبل النوم وبعد الاستيقاظ من النوم وبعد الصلاة الواجبة وفي صلاة الوصية وفي صلاة الناشئة ……. وصلاة سيد الموحدين بعد رسول الله (ص) علي (ع) تقرأ التوحيد فيها 200 مرة، فلا يمر يوم على المؤمن دون قراءة التوحيد وكأنها قرينة الفاتحة، ونعم القرين.
واعلم أن الغرض من هذه الغاية العظيمة (التوحيد) هو معرفة الله سبحانه وتعالى، وهذا الغرض خلق الله الإنسان لأجله فمن ضيع هذا الغرض فقد ضيع كل شيء ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات : 56]، أي ليعرفون، وهذا الغرض وهذه المعرفة لابد لها من التوحيد لتتحقق، والتوحيد الحقيقي لايتحقق بتحصيل الألفاظ والمعاني، بل يتحقق بالعمل والإخلاص لله سبحانه حتى يصبح العبد وجه الله سبحانه في أرضه أو الله في الخلق.
لهذا قلت فيما تقدم: (التوحيد الحقيقي توحيد الحقيقة والكنه، أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم، أو الاسم المكنون المخزون والذي ينبع من داخل الانسان بعد فناء الأنا وبقاء الله).
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)
و ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تشير إلى معنيين:
الأول: هو فناء الأسماء الإلهية في الذات وأحدية الذات في التوحيد الأحدي.
والثاني: هو فناء الألوهية في الحقيقة في المرتبة الأخيرة، لأن الألوهية فيها الكثرة الاعتبارية لأنها تعني الكمال، وبالتالي التأله إليه لسد النقص والحصول على الكمال وللكمال جهات كثيرة.
وفي المعنى الأول مرتبتان:
ففي المرتبة الأولى: الله أحد أي أنه قادر والقدرة ذاته، وراحم والرحمة ذاته، وفي هذه المرتبة الأسماء الإلهية فانية في الذات ولكنها تلاحظ تفصيلاً أي الله القادر العليم الحكيم.
وفي المرتبة الثانية: الله أحد أي أنه كامل يؤله إليه لسد النقص وتحصيل الكمال، والأسماء الإلهية فانية فيه دون ملاحظتها تفصيلاً بل إجمالاً باعتبارها جهات الكمال، أي النظر إلى الله سبحانه وتعالى الكامل دون النظر أو الالتفات إلى الأسماء الكمالية، ولا يخفى أن في هذا الإجمال تبقى الكثرة كالنار تحت الرماد، فالمقصود هو سد النقص وتحصيل الكمال سواء كان هذا القصد تفصيلياً أم إجمالياً.
أما المعنى الثاني: الذي تشير له ﴿هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ فهو فناء الألوهية والكمال في الكنه والحقيقة، فلا ينظر إلا للمعبود سبحانه وتعالى باعتباره معبوداً، فلا يبقى للألوهية في هذه المرتبة من التوحيد وجود، بل لا يبقى إلا النظر إلى الحقيقة والكنه أو الاسم الأعظم الأعظم الأعظم (هو) وهذه هي أعلى مراتب التوحيد، وغاية الإنسان وكماله الحقيقي هو عبادة الحقيقة والكنه، ولذلك وصف الرسول الأكرم (ص) في أعلى مراتب الارتقاء بالعبد ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾[النجم: 10].
المصدر: كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)