والمقصود بالعقل هو القوة المفكرة المودعة في كل إنسان، الموجودة عند الصالح والطالح والمؤمن والكافر.
العقل ميزان، وبالتالي فهو يحتاج إلى وزن أو معيار قياسي ليقايس به بقية الأشياء ويميز حسنها وقبحها، فإنْ توفر المعيار القياسي للعقل في أمرٍ ما، تمكن العقل أنْ يميز فيه الحق من الباطل والحسن من القبيح، وإنْ لم يتوفر المعيار القياسي لم يتمكن العقل من تمييز الحسن من القبيح والحق من الباطل، ولهذا يقع الخطأ في تمييز الحق والباطل من الناس في كثير من الأحيان.
فالذين لا يميزون الحسن من القبح أو الحق من الباطل لديهم أحد الأسباب التالية:
– فهم إما فاقدون للميزان، وهؤلاء هم المجانين والمختلون عقلياً، وهؤلاء معذورون.
– أو أنهم فاقدون للمعايير القياسية، وهؤلاء هم الذين لا يهتمون لتحصيل الحق ومعرفة المعايير القياسية المتاحة لتمييز الحق من الباطل، أو أنهم يطلبون الحق بجهل وضعف ادراك أو بسفاهة، أي أنهم يطلبونه بألسنتهم دون تعلم وبحث دقيق وحقيقي لمعرفة المعايير القياسية للمقايسة لمعرفة الحق من الباطل، ومن هؤلاء فئة الضالين.
– أو أنهم يمتلكون الميزان ويعرفون المعايير القياسية أو مطلعون عليها، ولكنهم رغم هذا يتجنبون المقايسة لمعرفة الحق من الباطل والحسن من القبح طلباً للبقاء في الباطل الذي هم عليه ونصرة له، ومن هؤلاء فئة المغضوب عليهم.
ولا يمكن لأحد أن يدّعي – فضلاً عن ادعاء هذا لكل الناس – أنه يمتلك كل المعايير القياسية؛ لأنّ هذا معناه أنه يعرف حقائق كل الأشياء ومآلها وما يحيط بها وبكل أحوالها، وهذا ما لا يمكن أنْ يكون لغير الله سبحانه وتعالى.
إذن، معرفة حسن وقبح الأشياء كلها بشكل مطلق لا يمكن أنْ يكون عقلياً، بلى العقل كما بيّنت متى توفرت له الأوزان القياسية تمكن من التمييز.
ولهذا فالقول بأنّ العقل مشرع قول باطل؛ لأنه يساوي القول بتعدد اللاهوت المطلق سبحانه وتعالى عمّا يصفون.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)