«38عِنْدَئِذٍ أَجَابَهُ بَعْضُ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ، قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نَرْغَبُ فِي أَنْ نُشَاهِدَ آيَةً تُجْرِيهَا!» 39فَأَجَابَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ خَائِنٌ يَطْلُبُ آيَةً؛ وَلَنْ يُعْطَى آيَةً إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. 40فَكَمَا بَقِيَ يُونَانُ فِي جَوْفِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ، هَكَذَا سَيَبْقَى ابْنُ الإِنْسَانِ فِي جَوْفِ الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ» [متى 40:38:12].
«11فَأَقْبَلَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَأَخَذُوا يُجَادِلُونَهُ، طَالِبِينَ مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ لِيُجَرِّبُوهُ. 12فَتَنَهَّدَ مُتَضَايِقاً، وَقَالَ: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: (لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً! )» 13ثُمَّ تَرَكَهُمْ»[مرقص 13:11:8].
فكما نلاحظ في النصين الإنجيليين عيسى (يسوع) يقول: «جِيلٌ شِرِّيرٌ خَائِنٌ يَطْلُبُ آيَةً؛ وَلَنْ يُعْطَى آيَةً». وقال: «لِمَاذَا يَطْلُبُ هَذَا الْجِيلُ آيَةً؟ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: (لَنْ يُعْطَى هَذَا الْجِيلُ آيَةً!) ».
ففي كلا النصين هناك تأكيد على أنّ الآية (المعجزة) التي يطلبونها لن تأتي، ومعنى هذا أنهم يطلبون معجزة من نوع آخر (قاهرة) غير نوع المعجزات التي أتت، وإلا لتناقضت أقوال عيسى في الإنجيل، فهناك نصوص في الإنجيل تقول إنّ هناك آيات (معجزات) حدثت، وكمثال:
«وبينما هو يتكلم جاءوا من دار رئيس المجمع قائلين ابنتك ماتت. لماذا تتعب المعلم بعد. فسمع يسوع لوقته الكلمة التي قيلت فقال لرئيس المجمع لا تخف. آمن فقط. ولم يدع احد يتبعه إلا بطرس ويعقوب ويوحنا أخا يعقوب. فجاء إلى بيت رئيس المجمع ورأى ضجيجا. يبكون ويولولون كثيرا. فدخل وقال لهم لماذا تضجون وتبكون. لم تمت الصبية لكنها نائمة. فضحكوا عليه. أما هو فاخرج الجميع واخذ أبا الصبية وأمها والذين معه ودخل حيث كانت الصبية مضطجعة. وامسك بيد الصبية وقال لها طليثا قومي. الذي تفسيره يا صبية لك أقول قومي. وللوقت قامت الصبية ومشت. لأنها كانت ابنة اثنتي عشر سنة. فبهتوا بهتا عظيما. فأوصاهم كثيرا أن لا يعلم احد بذلك. وقال ان تعطى لتأكل» [مرقص 43:35:5].
«وفيما هو يكلمهم بهذا اذا رئيس قد جاء فسجد له قائلا إن ابنتي الآن ماتت. لكن تعال وضع يدك عليها فتحيا. فقام يسوع وتبعه هو وتلاميذه. واذا امرأة نازفة دم منذ اثنتي عشرة سنة قد جاءت من ورائه ومسّت هدب ثوبه. لأنها قالت في نفسها إن مسست ثوبه فقط شفيت. فالتفت يسوع وابصرها فقال ثقي يا ابنة. إيمانك قد شفاك فشفيت المرأة من تلك الساعة» [متى 22:18:9].
«ولما اكمل أقواله كلها في مسامع الشعب دخل كفرناحوم. وكان عبد لقائد مئة مريضا مشرفا على الموت وكان عزيزا عنده. فلما سمع عن يسوع ارسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده. فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد قائلين انه مستحق أن يفعل له هذا. لأنه يحب امتنا وهو بنى لنا المجمع. فذهب يسوع معهم. وإذ كان غير بعيد عن البيت ارسل إليه قائد المئة أصدقاء يقول له يا سيد لا تتعب. لأني لست مستحقا أن تدخل تحت سقفي. لذلك لم احسب نفسي أهلا أن آتي إليك. لكن قل كلمة فيبرأ غلامي. لأني أنا أيضا إنسان مرتّب تحت سلطان. لي جند تحت يدي. وأقول لهذا اذهب فيذهب ولآخر ائت فيأتي ولعبدي افعل هذا فيفعل. ولما سمع يسوع هذا تعجب منه والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال أقول لكم لم اجد ولا في إسرائيل إيمانا بمقدار هذا. ورجع المرسلون إلى البيت فوجدوا العبد المريض قد صحّ. وفي اليوم التالي ذهب إلى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. فلما اقترب إلى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامّه وهي أرملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما رآها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون. فقال أيها الشاب لك أقول قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى امه. فاخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين قد قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه. وخرج هذا الخبر عنه في كل اليهودية وفي جميع الكورة المحيطة. فاخبر يوحنا تلاميذه بهذا كله» [ لوقا 18:1:7].
كما نلاحظ أنّ الجامع المشترك لإحياء الموتى في النصوص أعلاه هو أنهم ماتوا خلال فترة قريبة ساعات مثلاً (ابنتي الآن ماتت) ولم يقبروا، ولهذا ببساطة يمكن أنْ يحاجج من يتخذ اللبس مركباً أنّ هؤلاء كان مغمى عليهم، أو أي عذر للطعن بالمعجزة التي حدثت. أيضاً الشفاء يجري مجرى هذا.
أما النصوص التي تروي المعجزة على أنها قاهرة في الإنجيل أو التوراة، فنحن لا نعتقد بصحتها، وحتى المسيحيين أنفسهم يلزمهم عدم الاعتقاد بصحة كل النصوص حرفياً؛ حيث لديهم أكثر من نص تأريخي للحوادث أو المعجزات، فأكيد أنّ بعضها – على الأقل – غير دقيق، فلا يمكن اعتماد صحة كلا نصّي إنجيلي متى ويوحنا إنْ تعارضا مثلاً.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد احمد الحسن (ع)