الاستخلاف أمر حتمي كما تبيّن؛ لأن تركه مخالف للحكمة والعقل ومخالف للرحمة، وبما أنّ الإنسان هو الأكمل بين الخلق فتحتم أنْ يقع الاختيار على أحد أفراده. وقد أشار المُستَخلِف إلى أنّ الإنسان عبارة عن مشروع استخلاف، ومفطور ليكون خليفة الله
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ [البقرة: 30]،
«الله خلق آدم على صورته» [الكافي – الكليني: ج1 ص134].
ورد في التوراة أو العهد القديم:
«26 وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» [سفر التكوين – الأصحاح 1]،
«فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه» [سفر التكوين – الأصحاح 1].
فمن الحتمي إذن والحال هذه أن يقع اختيار الله لكل زمان على إنسان ليكون خليفة لله في أرضه، بل حتى الخليفة إذا اضطر للغياب فلابد له من استخلاف من يقوم مقامه لنفس العلة. فنحن هنا شخصنا الخليفة من بين المخلوقات عموماً، وحددنا نوعه وكونه إنسان لأنه خلق وفطر على صورة اللاهوت.
يبقى أنْ نشخص الفرد في الخارج، وهنا نحتاج إلى قانون نميّز به الخليفة دائماً، وإلا فسينقض الغرض من الاستخلاف وهو هداية الناس وتعريفهم بالله سبحانه وتعالى وبأوامره وإرادته ونهيه، وبالتالي فنحن نحتاج لقانون مُعرِّف بالحجة وساري المفعول منذ أول يوم لبعثته إلى قيام الساعة وينتهي الامتحان في هذه الدنيا؛ لأن الناس مكلفون بالإيمان بخلفاء الله عند بعثهم وبعد بعثهم، ومعرفة الحق والعقيدة منهم ومن تراثهم والالتزام بما جاءوا به ما لم ينسخ من خليفة لاحق، وعلى أقل تقدير فالقانون لابد أن يكون ساري المفعول مدة من الزمن تمتد حتى انتهاء الفائدة والانتفاع من الرسالة التي بعث بها المرسل، فهي مثلاً بالنسبة لمحمد (صلى الله عليه وآله) ممتدة إلى اليوم.
المصدر: كتاب عقائد الإسلام – السيد أحمد الحسن (ع)