(حضر افتتاح المجمع الإمبراطور قسطنطين الأول و بدأ مجمع نيقية جلساته في 20 مايو 325،
عقد المجمع بناء على تعليمات من الإمبراطور قسطنطين الأول لدراسة الخلافات بين آريوس وأتباعه من جهة وبين كنيسة الإسكندرية ممثلة بالكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) وأتباعه من جهة أخرى، حول طبيعة يسوع هل هي نفس طبيعة الرب أم طبيعة البشر.
أنكر آريوس ألوهية يسوع فاعتقد بأنه كان هناك وقت لم يكن يسوع موجوداً فيه، واعتبره رفيعا بين مخلوقات الله ومِنْ صُنْعِهِ, كما اعتبر أن الروح القدس من صُنْعِ الله أيضا.
بينما أكد الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) على أن طبيعة المسيح هي من نفس طبيعة الله
و تغلب رأي الكسندروس الأول (بابا الإسكندرية) بالاقتراع الذي كان تحت سلطة الإمبراطور قسطنطين المؤيد لبابا الإسكندرية
ورفض آريوس وإثنين من القساوسة بإصرار التوقيع من ثم تم نفيهم إلى اليرا (حاليا البلقان) وحرقت كتب آريوس و سمي مذهبه ببدعة آريوس ووصم أتباعه إلى اليوم بلقب أعداء المسيحية.
ونتج عن مجمع نيقية أول أشكال قانون الاعتقاد بألوهية المسيح ألوهية مطلقة وبدأت علاقة الكنيسة بالسلطة بالتشكل بعد أن كانت كيانا دينيا.
وبعد ثلاثة قرون من تطور الفكر الكنيسي واختلاطة بالأفكار والأديان المحيطة في كل الاتجاهات ومنها الوثنية الرومانية الديانة السابقة لقسطنطين أصبحت الكنيسة المدعومة من الإمبراطور الروماني هي المرجع و السلطة في تحديد من يدخل في نطاق الإيمان من عدمه).
هذا الكلام تقريباً مطابق لكل ما ورد عن الكنيسة وتاريخياً عن هذا المجمع بتصرف طبعاً، فلا أعتقد أن باحثاً منصفاً سيغفل عن إسناد قسطنطين لإلكسندروس وتثبيت عقيدته الوثنية في المسيحية،
فبعد أن كان نصف القساوسة المسيحيين يؤيدون آريوس جعلهم الخوف من بطش قسطنطين يتراجعون،
ومن لا يعلم من هو قسطنطين وكيف كان جبارا ويبطش بمن خالفه، ولو كان أقرب الناس منه فليراجع تاريخ هذا الطاغية الذي نشر المسيحية المحرفة في أوربا، والذي لم يتوانَ عن قتل أرحامه وأقرب الناس منه أن خالفوه.
بينما تجد قساوسة اليوم يغضون النظر عن تاريخ قسطنطين الدموي ويصورون قسطنطين بأنه حمل وديع عقد المجمع وأعطى الحرية للجميع من وافقه ومن خالفه،
ورغم أن نفي واضطهاد آريوس وتحريم اعتقاده بعد المجمع كاف للتعرف على الغاية والهدف من عقد هذا المجمع وهما القضاء على آريوس والاعتقاد بأن المسيح مجرد مخلوق ونشر الاعتقاد الوثني بالمسيح وإنه هو الله.
وهذا هو ما أقر في مجمع نيقية :
( ترجمة النص اليوناني:
نؤمن بإلهٍ واحد ، آبٍ قادر على كل شيء، صانع كل الأشياء المرئيّة واللامرئيّة، وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله، مولود الآب الوحيد، أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إلهٌ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلـوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزلَ وتجسَّد، تأنَّس، تألَّم وقام في اليوم الثالث الذي بواسطتهِ كل الأشياء وُجِدَت، تلك التي في السماء وتلك التي في الأرض [و] صعدَ إلى السمـاوات، آتٍ ليدين الأحـياء والأمـوات وبالروح القدس، أما أولئكَ الذين يقولـون: ” كان هناك وقتٌ فيهِ (الكلمة) لم يكن “، و: ” قبل أن يكون مولوداً لم يكن ” وبأنّهُ وُجِدَ ممّا هو غير موجود أو يقولون عن كيان ابن الله أنهُ من شخص أو جوهرٍ آخر أو (أنه ” مخلوق “!( أو أنهُ متحولٌ أو متغَيِّرٌ، أولئكَ( الكنيسة الجامعة تحرمهم.
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذا فيما عدا اثنين منهم – وربما أكثر – بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماعته).
ويقول بابا الأرثوذكس في مصر شنودة الثالث في كتابه طبيعة المسيح
(كان آريوس ينكر لاهوت المسيح، ويرى أنه أقل من الآب في الجوهر، وأنه مخلوق. ومازالت جذور الأريوسية قائمة حتى الآن. حتى بعد أن شجبها مجمع نيقية المسكونى سنة 325 م، ظل أريوس والأريوسيون من بعده سبب تعب وشقاق وشك للكنيسة المقدسة).
وطبعاً شنودة الثالث هنا يعرض بشهود يهوه المذهب المسيحي الذي أخذ بالانتشار بشكل كبير في العالم المسيحي وخصوصاً في الغرب
وشهود يهوه لا يقرون بكثير من ضلالات الكنيسة من أمثال الثالوث وأن الكلمة هي الله وغيرها من البدع،
ومما يدل على أن القول بلاهوت المسيح هو بدعة ثبتت في مجمع نيقية هو أن نصف الحاضرين في مجمع نيقية كانوا يؤيدون آريوس أو محايدين وإن الاعتقاد بأن عيسى (ع) (يسوع) مجرد مخلوق كانت هي المنتشرة والسائدة في عهد آريوس وهذا أمر يعترف به القساوسة في كتبهم وإلى اليوم:
جاء في أبحاث في المجامع المسكونية المسيحية – للمطران بيشوي: (…… 4- مجمع نيقية :
1 ظروف انعقاده ………
ب- أما السبب المبـاشر لعقد المجمع فقد كان بدعة أريـوس، لأن الإمبراطوريــة كادت تنقسم بسبب تلك البدعـة ………..
انعقد المجمع المسكوني بأمر الملك قسطنطين خوفاً من الانقسام الحاد الحادث فى الامبراطورية بسبب بدعة أريوس.
وكان انعقاده سنة 325م في نيقية بعدد 318 أسقفاً، كما ذكر القديس أثناسيوس الذى كان شاهد عيان وأحد أعضاء المجمع فى خطاب له فى البداية كان 16 أسقفاً مؤيدين لأريوس، و22 أسقفاً مؤيدين للبابا ألكسندروس، والباقي لم يكن موقفهم قد تحدد بعد. أما بنهاية المجمع فقد ظل أسقفين فقط مؤيدين لأريوس وهما سيكوندوس وثيئوناس اللذين رفضا التوقيع على إيمان المجمع مع الكهنة الملتصقين بهما، وفى أيام القديس إبيفانيوس كانت توقيعات الـ 318 الحاضرين فى نيقية لازالت موجودة. هذا كان بفضل شرح القديس أثناسيوس للإيمان ورده على إفتراءات أريوس، وفى هذا نرى مدى عظمة الدفاع السكندرى فى المجمع. ولم يكن الوصول لقرار المجمع بالأمر الهين بل استدعى الأمر مجهوداً رهيباً ………….
5- مجمع نيقية : 2) آريوس وهرطقته ………
مر وقت كاد فيه العالم كله تقريباً أن يصير أريوسياً لولا أثناسيوس. ففي وقت من الأوقات عزل الإمبراطور البابا الروماني وعين آخر مكانه ليوقع على قانون الإيمان الأريوسي، ولما عاد البابا من سجنه إلى كرسيه وقّع على قانون الإيمان الأريوسي الذى كان قد رفض التوقيع عليه من قبل. هذه هي المرحلة التى لم يبقَ فيها سوى أثناسيوس وأساقفته في مصر وحدهم هم المتمسكون بالإيمان الصحيح. لذلك ليس غريباً أن يقول اشعياء النبي: ” مبارك شعبى مصر” (أش19: 25). لكن فى أوقات أخرى كثيرة ساند كرسى روما البابا السكندري، مثل الباباوات معاصري البابا أثناسيوس الذين ساندوه.
انهارت المسيحية فى العالم كله وخضعت أمام الطغيان الأريوسي ولم يبقَ سوى كرسي الإسكندرية ممثلاً فى البابا السكندري المنفى وأساقفته المصريين. ونحن علينا أن نقتفي آثار خطوات آبائنا ……….) المجامع المسكونية المسيحية – المجامع المسكونية والهرطقات – المطران بيشوي ).
المصدر: من هامش كتاب التوحيد – السيد أحمد الحسن (ع)